<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
رئيس التحرير | جمال المارمي
مقالات

عليل يتداوى بعلته ويبكي حال وطنه (2)..كتب/د.علي غالب الصبيحي

عدن توداي
د.علي غالب الصبيحي
إيفاءً بالوعد، وشغفاً بالكتابة، وانبهارا ببلد الثائر الأسطورة (المهاتما غاندي) نواصل توثيق بعضا مما نستطيع في هذه الرحلة العلاجية، وأعود لأبدأ من حيث المشهد الجميل لبومباي والطائرة قد بدأت تبطئ حركتها وتنزل إلى مستوى السحاب والضباب الكثيف فتتجلى لنا الأبراج طويلة رفيعة متراصة وقد قيل لنا أنها أي بومباي القديمة صممت على نمط عاصمة الضباب (لندن) فلاعجب إن كان لبومباي شبه بها لكن المفاجأة المذهلة أن الاقتصاد الهندي اليوم قد زحف وأصبح من أقوى اقتصاديات العالم ،وإن لم يكن قد تفوق على اقتصاد الامبراطورية التي لاتغرب عنها الشمس فهو مثله، مع فارق أن اوربا قد تقدمت على مثل هذه الدول – ربما- بقرون لكنها الجد والعلم والعزيمة التي جعلت الهندي يسخر جغرافيا قارة، شريان الحياة فيها متواصل لاينقطع على امتداد هذه الجغرافيا.

هي الهند بحبوحة من الأخضرار المدهش وهذه من الملامح التي أبهرتني في بلاد الهند ، فلاتمشي إلا وتحفك الأشجار المتنوعة الضخمة والطويلة والغريبة، والأرض مكسوة بالحشائش وقد أبهرني أيضا ان الأشجار تنبت حتى فوق السقوف وعلى السبستو وماغطى سطح البيوت، بل عايشت هذا لأول وهلة في البيت الذي استاجرناه سكنا لنا أنا وتلميذي الوفي مجور ، وهذا في مدينة بونا وهي مدينة باردة، إذا وضعنا البطاط في بلكونة من الشقة فإذا بنا نتفاجأ بعلامات نبات البطاط تظهر منه تلقائيا
وأعود لبومباي حيث استكملنا إجراءتنا في مطارها المبهر حيث أدهشتني سلاسة الإجراءات وكثرة الموظفين في المطار الذي قيل لي ان عددهم ربما يصل إلى خمسمائة ألف، ولا انسى أن أبدي التحسر كوني لا أجيد الإنجليزية إلا من كلمات بسيطة أتهجاها ذكرتني بالمرحلة الموحدة من مراحل التعليم ومن الكلمات التي كانت مفتاحا لتسريع استكمال إجراءتنا كلمة( باج) نطقتها وانا أبحث عن حقيبتي وكذلك جت آوت وهنا أدركت أهمية الإنجليزية ، وتمنيت لو أني قرنت تخصصي في العربية بدراسة الإنجليزية،
لحظات وخرجنا فأطل علينا المترجم البشوش صاحب الروح الصنعانية الكريمة والمرحة د. هشام اليعبري الصنعاني الحرازي الذي أتى لاستقبالنا من مدينة بانجلور التي تبعد عن بونا مسافة عشرين ساعة بالسيارة فييممنا قبلتنا اتجاه بونا التي تبعد عن بومباي مسافة 8 ساعات بالسيارة تقريبا فصرنا وسائقنا الهندي بسحنته وسجيته المسالمة ووجهه الأسمر يسير ولايتحدث وهو ملمح بارز عند الهنود، إنه الصمت الذي رأيته هنا. وأوصت به الحكم وحثت عليه الأديان والآداب، فالهندي يتبسم ويعمل وليس له شاغل غير النظام والعمل، كما يبهرك الهندي بسلاسته في السياقة والسير على الرغم من الازدحام فلا احتكاك ولاسب ولامشاجرات ولاتعثر لحركة الشارع ولاتقترب السيارات من بعضها حتى لكأن هذا الهندي قد طوعها على هذا السلوك أو أنها ممغنطة، وفي أقسى حالته إذا غضب الهندي على آخر في الخط ضرب الفرامل فقط والتفت على صاحبه دون ان يفتح الباب أو يترك مقود السيارة ويمضي مواصلا في لمحة عين معتمدا على تلفونه لاسيما سائقي التاكسي الخاضعين لشركات ولايسيرون إلا وفق خارطة والتلفون امامه يتابع خارطة السير عبر الخط الأزوق ويهدئ عند ارتباط الأحمر بالأزرق في خارطة الجوجل بالتلفون وهذا يعني وجود تزاحم فلابد ان تكون السرعة خفيفة .
تذكرت حركة السير عندنا فزدت غبنا على غبني ولعل القارئ يشاطرني الشعور بذلك، فالشعوب قد رقت بثقافتها وتعاملها ، أما في أسواقنا وشوارعنا فيكفي ان يشيب الطفل مما يشاهده بشكل يومي من الكلام ثم الاحتكاك ثم الاشتباك والسب والشتم والرفس واللعن، ليس في الخط لكنها ثقافة تأصلت حتى في البيوت وهذا سبب من أسباب اعتلال صحتنا النفسية والشعورية بسبب غياب ثقافة الهدوء والاتزان والبشاشة وحب النظام والصدق وياللحسرة!

الوصول إلى بونا
**************
عند الحادية عشر والنصف ليلا بتوقيت الهند، التاسعة بتوقيت عدن وصلنا بعد رحلة مستمرة من فجر يوم السفر وكان منهكين من طول الجلوس ومن الجوع برفقة الحبيب الدكتور هشام الذي تولى تحمل التكاليف بسبب عدم وجود ليرة هندية معنا وحطينا رحالنا في أحد أسوق بونا وتناولنا وجبة بروست دجاج وعصير المانجو الهندي الطبيعي باللبن الذي تضوعنا نكهته الطبيعية وارتوينا واول مظهر من مظاهر بونا كانت البرودة، إذا تختلف عن بومباي بذلك، ولايعني ان بومباي حارة لكن بونا تشبه بجوها جو محافظة إب وربما بعض المناطق المرتفعة في تعز ، والمقارنة هنا بالجو.

انتقلنا بعدها للشقة المعدة لنا للسكن التي أستأجرناها بأربعين ألف روبية وهي لابأس بها مقارنة ببعض المدن الهندية مثل بانجلور التي ترتفع فيها تكاليف كل شيء ونمنا نوما هادئا عميقا حتى الصباح واطمئنت نفوسنا باننا في بلد لايوجد فيه ( طفت أو لصت) والماء على مدار الساعة والكاميرات تحيط بكل شيء وهي أعين الأمن وكل شيء تحت الرقابة وللحديث بقية إن شاء الله.

د. علي غالب حسن الصبيحي
أستاذ النقد والأدب العربي
كلية الآداب / عدن
15/ 9/ 2023م.
مدينة بونا الهندية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
Long tech network limited store9. Perfect click – photography learning institute. The role of technology in import export business.