<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
رئيس التحرير | جمال المارمي
مقالات

القفز فوق الواقع .. في عالم السياسة ..كتب/إبراهيم ناصر الجرفي

عدن توداي

إبراهيم ناصر الجرفي ..

بدايةً ……
من السهل في عالم السياسة رفع الشعارات الرنانة التي تتحدث عن الوطنية والمدنية والحضارية ، والتي تنادي بالعدالة والمساواة وحماية الحقوق والحريات ، ومن السهل أيضاً إطلاق الوعود الطويلة والعريضة للجماهير ، كون هذا الأمر لا يتطلب مزيداً من العناء والتعب ، فهو لا يعدو أن يكون مجرد أفكار وكلام في كلام ، وحبر على الأقمشة والأوراق ، والصعوبة الحقيقية تكمن في التطبيق العملي لتلك الشعارات ، وتنفيذها على أرض الواقع ، والتحدي الأكبر والاختبار الحقيقي في هذا المجال يكمن في تحقيق العدالة والمساواة ، ورفع المظلومية عن جميع المواطنين ، فكم سردت لنا كتب التاريخ عن الكثير من الأحزاب والجماعات السياسية في مختلف المجتمعات البشرية ، وهي ترفع الشعارات الثورية والتحررية والتقدمية والحضارية ، التي توعد الجماهير بالعيش الرغيد في رحاب المدينة الفاضلة ، والتي توهمهم بأنهم على موعد مع العيش في رحاب الجنة الموعودة ، فكم هو يسير التنظير الشفوي والخطابي في المجال السياسي ، لكن الأحداث والوقائع والمستجدات على الساحة السياسية هي من تكشف حقيقة ذلك ، وهي من تضعها تحت التجربة العملية والاختبار الحقيقي وبالذات عندما تصبح السلطة بيد أصحاب الشعارات الثورية والخطابات التحررية ..!!

وقد كان الاخفاق والفشل والعجز نصيب الكثير من تلك الاحزاب والجماعات عبر التاريخ ، نتيجة سوء تقديرها للمواقف على أرض الواقع ، ونتيجة رفعها لسقف شعاراتها ووعودها وتجاوزها لواقع الحال والظروف والموارد والإمكانيات ، ونتيجة عدم امتلاكها للقيادات والكفاءات والخبرات السياسية والإدارية القادرة على مواجهة التحديات التي يفرضها عليها الواقع السياسي ، فالواقع السياسي يفرض على السلطات الحاكمة أمور ومواقف لم تكن في الحسبان ولا على بال وخاطر من كان يضع الأفكار والشعارات ويطلق الوعود والأمنيات ، فالواقع السياسي يتميز بالكثير من الصعوبة ومحفوف بالكثير من المتاعب والعراقيل والمشاكل والالتزامات ، فتحقيق العدالة على أرض الواقع أصعب بكثير جدا من تحقيقها في العالم الافتراضي ، لذلك يظل الواقع هو الاختبار الحقيقي للشعارات والوعود ، وهو الميدان الذي كشف ويكشف حقيقة الكثير منها ، وأثبت ويثبت للجماهير بالدليل العملي وبالتجربة المشاهدة زيفها وكذبها أو حقيقتها وصدقها ..!!

وبسقوط وفشل الشعارات والوعود في الواقع السياسي ، يأتي الدور على سقوط وفشل أصحابها الذين يجدون أنفسهم في مواجهة حقيقية مع الجماهير التي استخفوا بها وخدعوها وسوقوا لها الأكاذيب ، فالجماهير لا تقبل بمن يكذب عليها ويخدعها ويستغفلها ويستخف بها ويغرر عليها ، وهي على استعداد بالتحمل والصبر والنضال مع من يصدق معها ويحترمها ، لذلك من الاخطاء السياسية الشائعة في عالم السياسية رفع الشعارات البراقة والوعود العريضة ، التي لا تراعي ظروف وأحوال وامكانيات وموارد الشعوب وثقافتها وتاريخها وموروثها الحضاري وعاداتها وتقاليدها واستقلالها وكرامتها وسيادتها ، والتي تقفز فوق الواقع السياسي ، والتي تتجاوز القدرات والامكانيات العلمية والسياسية والادارية والاقتصادية والفنية والتقنية للقائمين عليها ، لذلك كم هو جميل ورائع احترام الاحزاب والجماعات السياسية لعقول الشعوب ، وهي ترفع شعاراتها وتضع وعودها في حدود ظروفها وواقعها السياسي ، وكم هو محرج ومخجل القفز فوق الواقع السياسي ، فالقفز من الأماكن المرتفعة بدون شك تكون نتائجه مؤلمة وقاسية ، فالسقوط من المرتفعات يكون قاتل وموجع وعواقبه وخيمة ..!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
Looking for the old vidmate 2. Decoding crypto jargon : key terms every cryptocurrency investing should know. Copyright © 2023 perfect click | powered by perfect click.