المرة الوحيدة التي ضُرِبتُ فيها أيام الرئيس علي ناصر
مقال لـ: د. أنور الصوفي
منذ أن بدأت دراستي لم أُضرب على تقصير في واجب دراسي، ولكن المرة الوحيدة التي ضربت خلالها هي أيام حكم الرئيس علي ناصر محمد للبلاد ففي تلك الفترة وفرت الدولة مواصلات لكل التلاميذ للوصول إلى مدارسهم، وكنت أنا وأخي في فصل واحد، وكنا نذهب إلى المدرسة ونعود مشيًا على الأقدام، ولا نركب مع سيارة المدرسة بحكم قرب قريتنا من المدرسة، فعلم مدير المدرسة بذلك، فضربنا، لأننا لم نركب سيارة المدرسة التي وفرتها الدولة لنا، والله إنني عندما أتذكر هذا الموقف أضحك، وأقول ألهذا الحد كانت الدولة تهتم بي أنا وأخي؟ ألهذا الحد كان العدل يعم فترة حكم الرئيس علي ناصر محمد؟
أنا بالصراحة أريد أن أقتص من حكام تلك الفترة، وعلى رأسهم رئيسها علي ناصر محمد، وأتمنى أن ألتقي به لأضع قبلة على جبينه، لأنه كان يهتم بنا ونحن في قرية نائية في محافظة أبين مديرية لودر، فكانت السيارة تأتي لتأخذنا إلى المدرسة، ثم تعود بنا إلى القرية، أتمنى اللقاء بناصر لأحييه على حكمه الذي كان فيه كل شيء على ما يرام.
تعلمنا ونهلنا العلم والنظام وحب الوطن في تلك الفترة الذهبية من حكم الرئيس علي ناصر محمد للجنوب، ومازلنا متشبعين بما التهمناه في تلك الفترة، ومازلنا في حيرة من أمرنا عندما نرى تلاميذ مدارسنا هذه الأيام وهم يقفون على المطبات، ويقطعون المسافات الطويلة للوصول إلى مدارسهم، فمنهم من يصل، ومنهم من تتقطع به السبل، فلا يستطيع الوصول في أغلب الأيام إلى مدرسته، فنتساءل كيف استطاع الرئيس علي ناصر محمد أن يوفر لكل التلاميذ والطلاب وسائل مواصلات، وأقسام داخلية، وإعانة شهرية لطلاب الجامعة؟ ونصل إلى إجابة مفادها: إنه الإصرار، واعتبار أبناء الوطن مثل أولاده، وبعد نظره نحو المستقبل، فهل تصدقون إنني لم أضرب في المدرسة إلا بسبب نظام الرئيس ناصر، فأنعم به من ضرب، وأنعم بها من فترة مزدهرة، وأنعم به من رئيس، فهل ستعود تلك الفترة الذهبية؟
