الأعجم الذي يطلب السكر مقابل خدماته في يرامس

كتب / د. علي الدويل

السبب الأول والرئيسي للبكم هو الصمم حيث أنهما آفتان مترابطتان إذ أن عدم القدرة على السمع تؤدي تلقائياً إلى عدم القدرة على الكلام …

عُرف هذا الرجل النبيل بـ الأعجم أستيقظ أهل منطقة الجول ليجدوا شخص لا يستطيع الكلام إطلاقاً ليس له كنية أو لقب ،ليس له أهل أو عشيرة .
كان أسمر اللون قوي الجسم طويل القامة يبادر يومياً في خدمة الناس

عمل الأعجم في التعاونية الاستهلاكية في منطقة يرامس الجول *حمالاً* فكان يخدم الناس جميعاً بدون مقابل يقوم بحمل الأشياء الثقيلة على ظهره مقابل القليل من السكر الذي يقدمونه له مقابل خدماته الجليلة.

كان فترة الثمانينات من القرن الماضي حقبة زمنية ملئية بالخير فقد ابتسمت الأراضي الزراعية وكثر نتاجها وكثر الخير الوفير فيها وظهرت معادن الناس الخيرين أنئذاك واتصف الناس بالتسامح والتراحم فيما بينهم فعاش هذا الرجل البسيط بينهم يأكل ويشرب في بيوتهم…

أصبح (أمعجم) كما كان يطلق عليه في ذلك الزمن الرجل البسيط الذي تُفتَح له جميع الأبواب … الرجل الوحيد الذي يأكل ويشرب في جميع البيوت والكل فرح به أن ( أمعجم) كان ضيفهم اليوم أو الليلة …

كان أمعجم يعمل حمالاً في التعاونية الاستهلاكية لكنه كان يعرف الأسر الفقيرة والأشــد ضعفاً من أهل المنطقة فيحمل لهم اشيئاهم ومتاعهم الثقيل على ظهره دون مقابل ولذلك أحبه الصغير والكبير منهم فكانوا يمازحونه وأحيانا يحملونه على ظهورهم فيظهر على وجه السعادة والفرح والسرور لما يصنعونه له ..

فوجئ أهل منطقة الجول جميعاً وخيم عليهم الحزن عند رؤية هذا الرجل البسيط الذي لا يستطيع أن يعبر عن نفسه أو عن آلام الذي بداخله وهو يصرع أحياناً فتم أخذه إلى المستوصف الطبي آنذاك ليتبين حينها أن شخص مصاب بالصرع إلى جانب أنه أصم وابكم .

لم يعش أمعجم فترة طويلة بعد المرض الذي ألم به فقد فارق الحياة الدنيا تارك خلفه صفحات مضئية من الصبر والكفاح وحب الناس وبذل المعروف ورسم الإنسانية والفرح في قلوب كثيراً من الأسر الفقيرة والمتعففة..

رحم الله أمعجم بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته