فرحة بوليد  اعمى !!!

بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي

    قد يعاني الإنسان من المرض ، أو يتعرض لبعض الألام من كسور في بنيته جراء الحوادث
الطبيعية أو البشرية وغير ذلك من منغصات الحياة ، لكنه سرعان مايتعافى وينسى تلك الألام العارضة ، غير أن الصدمات النفسية داء ليس له دواء ؛ من ذلك مايعانيه شعبنا ، المغلوب على أمره ، الذي ما إن يحاول التشافي من الصدمة ، حتى يتفاجأ بأخريات – إن جاز التعبير – وكلها صدمات نفسية من صنع قادته ، ليس للقدر فيها نصيب ، على الأقل من وجهة نظر الكاتب . من معاناة هذا الشعب ؛ أنه تعرض لصدمات كثيرة من وهم الفرقاء ، وتهربهم من المسئولية ، ومحاولة تحميل كل فريق منهم – تبعات معاناة الشعب – الفريق الآخر ، بل وتنصلهم جميعا عما يعانيه هذا الشعب ؛ من جوع وخوف وظمإ ، وسوء ملبس ومسكن ، وغير ذلك من تبعات الحياة ، ومع ذلك بقي يعلل نفسه لعل التحالف يتفق أو يتوافق ذات يوم على قيادة جامعة شاملة ؛ تلملم الشتات ، وترقع ماخلق وتهتك منه ، وفي ليلة من ليالي القدر المباركة في شهر رمضان المنصرم ، تفاجأ الأب بصوت القابلة تصرخ ، لقد رزقك الله مولودا ذكرا ، لم يصدق ، وظن أنه لم يفهم قول القابلة ، فقام من متكإه ، وخرج من منزله ، ينظر إلى القابلة ، ويضع كفيه حول أذنيه ، لعله يسمع جيدا ويفهم ماتقول ، وإذا به يطمئن أنها تقول له : لقد رزقك الله مولودا ذكرا ، وليس للحزن جراء كثرة الإناث بعد اليوم مكان . فرح الأب وأطلق الأعيرة النارية ، وزغرد بعد أن كبر وهلل ، وقال لامكان للمعاناة بعد اليوم ، فالولد سيتولى الأمر ، ويرفع الزلل ، ويعالج الخلل . لم تمض أيام إلا ويكتشف الأب أن الولد أعمى ، وهنا كانت الصدمة بل الفاجعة ، إذ أدرك الأول أن الأخير بحاجة إلى من يقوده ، ويطعمه ويكسيه ، ويؤمنه ويحميه ، بل ويساعده حتى على قضاء حاجته … حقا إنها الصدمة القاتلة ، والمصيبة المدمرة إذ يجد هذا الشعب نفسه أمام قيادة عجزت من اللحظات الأولى لظهورها ، أن تخفف شيئا من آلام الكهرباء ، أو من صدى شحة المياه ، أو من صياح الأمعاء من شدة ارتفاع الأسعار ، أو من صداع انقطاع المشتقات  ، وغير ذلك من معاناة هذا الشعب ، فضلا عن عدم كفايتها لنفسها ، إذ تحاول أن تقتات على ماتبقى من لحم الشعب وعظامه … ومع ذلك كله سنبقى على أمل ننتظر سطوع الفجر ، مهما طال هذا الليل الموحش . إنا لله وإنا إليه راجعون .