<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
رئيس التحرير | جمال المارمي
ساحة حرة

للمعلم: هل أنت خبير؟!

كتب / ياسر الدالي

ينطلق أحد المعلمين من النقطة (أ ) باتجاه النقطة (ب)، فتجده بعد سنوات بالفعل قد قطع تلك المسافة بعمره، لكنها لم تغير فيه شيئًا، ولتوضيح المقصد أكثر، فقد تزور أحد المعلمين في صفّه الدراسي فتجده على حالة من الأداء، ثم تزوره بعدها بسنوات فتجده في نفس الأداء تقريبًا إن لم يكن أسوأ، وكأن كل تلك السنوات لم تعمل عملها فيه أبدًا، فإذا ما أعطيته ملاحظات، أو أصدرت له تقييمًا معيّنًا، يجيبك: أنا خبرتي كذا سنة، أو خدمتي كذا سنة في التدريس.
فالخبرة هنا فُهِمَتْ فهمًا خاطئًا، إذ هي عند مثل هذا المعلم لا تتعدى عن كونها تراكم السنين التي قضاها في غرفة الصف، فبمَ تقاس الخبرة إذن؟ هل بعدد السنوات أم بغير ذلك؟
الخبرة أخي المعلم تجارب عملية، ومواقف تعليمية يمرّ بها المعلم طوال سنوات عمله، فتكسبه تلك التجارب والمواقف مهارات متنوعة، ترفع من كفاءته الأدائية، والعلمية، وتمنحه تميزًا لافتًا بين زملائه، وتجعل منه المعلم المفضّل، والمحبوب لدى طلابه، والسرّ يرجع في ذلك بالطبع إلى تلك المهارات التي شكّلته وصنعت منه شخصية، يراها الجميع فينحني إجلالًا أمام عظمة عطائها.
وقد أسعفتني ذاكرتي المتواضعة برصد مجموعة من تلك المهارات التي تدل خبرة صاحبها، أهمها:
– مهارة التخطيط للحصة ومُجرياتها، بدءًا من التخطيط الذهني العميق، والتحليل الكامل للمحتوى التعلمي، ثم بإسقاطه كتابيًا، مُضمنًا إياه عصارة سنينه، وجديده الشخصي، وبصماته الخاصة، فمن يقرأه يشتم رائحة تلك الخبرة، ومن يرى يتذوق نكهة التميز وثماره.
– مهارة أنا أسميها إمتاع المتعلم، هذه المهارة ملخصها أسر لب المتعلم، وجذب تركيزه بقوة نحو التعلم، ووضعه تحت سحر وتأثير المعلم المبدع الخبير، وهي مهارة بتصوري تشمل فن العرض، واستراتيجيات التعلم، وأساليب تقديم المحتوى.
– الرّقي في التعامل مع الطلاب وأنماط شخصياتهم، وسلوكياتهم المختلفة، والفهم الدقيق لنفسياتهم، وابتكار حلول علاجية تربوية لمشكلاتهم، فالمعلم الخبير يدرك أن علاقته بطلابه تشكل منطلقه الأساسي لتقبل عطائه وتوجيهاته.
– التفنن في إدارة وقت الحصة الدراسية، بما يمتلكه من قدرات علمية، وشخصية، وقيادية، واجتماعية، تمكنه من إعطاء المتعلم حقه في زمن التعلم المحدد له، وعدم الانسياق وراء الاستطرادات والمداخلات، والنقاشات التي تسلب وقت المتعلم.
– تبسيط المادة وتيسيرها، وتقديمها كخلاصة علمية ومهاراتية شهية، عبر وسائل مبتكرة، مواكبة للتطور التكنولوجي، وطرق واستراتيجيات متنوعة بديعة، وأساليب، وأنشطة صفية ولا صفية تبني قدرات الطلاب ومهاراتهم المتنوعة.
– تزيين الطلاب بالمنهاج الخفي، واعني بذلك القدرة على استنباط القيم، والأخلاق، والسلوكيات الإيجابية من الدروس، والتفنن في غرسها، عبر طرق وأساليب ومواقف اكتسبها المعلم طوال سني عمره.
– التمرّس في البناء العلمي والمهاري والقيمي الكيفي للطلاب، فالمعلم الخبير يجتهد في صناعة مخرجات تعليمية تليق بإخلاصه، وخبرته، وتميزه.
وأختم بهذه المهارة المهمة، وهي مهارة البحث والتجديد، وأعني بذلك أن المعلم الخبير باحث في تخصصه، يتابع لكل جديد فيه، ويهتم بكل ما يطوّر ذاته، وأداءه، ويغتنم كل فرصة تجعله متربعًا على قمة العطاء المُبدع.
المهارات كثيرة، وحسبي أنني قدحتُ شرارةً أمام المهتمين لمزيد من البحث والرصد.

والله من وراء القصد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
Multiple blue rings. Basic to intermediate knowledge. Long tech network limited store9.