<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
رئيس التحرير | جمال المارمي
فن

من قصص الواقع.. نوّارة (٦) رحلة الأمعاء الخاوية  

عدن توداي:

يكتبها / حسين السليماني الحنشي

كان الإبن الأكبر مع إخوانه يشقون الطرقات المتناثرة، ويلتحقون ببعض القوافل حتى ترشدهم على الطريق أو الذاهبة إلى ـ أبين ـ نزلنا ب “أبين ـ الدلتا” وأنا أقود رحلة الأمعاء الخاوية ، ومعي كثير من البؤساء على الطريق تجد البعض منهم قد أصابه الإعياء تحت الشجر مرمي والبعض منهم كأنهم أغنام يستقلون الأشجار ويأكلون منها والبعض يبحث تحت جذوع الأشجار كي يمتص منها حتى تسد ولو قليل من عطشه – حيث كنت أمهرهم هؤلاء الأطفال، وحين نزلنا في أبين، كان هناك أمرا صعبا للغاية وهي (البعوضة) التي لانعرفها حيث تنتشر البعوضة بشكل كبير في منطقة ـ الدلتا ـ، وكان مرض الجذام أيضا منتشر بسبب بعض المهاجرين القادمين من المناطق الشمالية وخاصة التهامية. كانت الملاريا منتشرة، والناس يموتون فرادى وجماعات من فتك الامراض، ولكن لا خيار لنا؛ الموت جوعاً أو وباء! إنها خيارات صعبة ومتقاربة، لابد من الركض إلى النهاية.

مضينا حيث لا نعرف طريقا ولا وجهة، نقترب في المساء من البيوت لنؤنس وحشتنا، ونأكل ما نجد في الطريق من الشجر، حتى وصلنا سوق المدينة، والناس يتبايعون الحبوب، فنستبق إلى حبة سقطت هنا أو هناك، والناس لا يكترثون بمنظر الأطفال الجياع يبحثون عن الحبوب كالطير، وذلك لأن الفاقة تضرب الجميع والجوعى كثر.

تفرقنا في السوق، فلما جاء المساء نحاول أن نتقرب من المنازل كي تؤنس وحشتنا .

كانت تلك الليلة ليلة سوداء ، حيث نبحث عن أخي الذي فقدته دون أن أشعر به، طوال الليل فلم نجده إلا في الصباح، فضربته بعنف لشدة خوفي عليه من الثأرات و من فراقه ليلة كاملة، ثم ندمت ندما شديدا؛ فحتضنته طوال اليوم ونحن نبكي وأنا أبكي ندماً ورحمة به.

كان طفل آخر ممن قدموا للبحث عن الطعام في رحلتنا قد ضاع بتلك الليلة ولم نجده إلا في اليوم الثالث، وقد وجدناه ميّت، جوعا أو مرضا.

أغلقت الأبواب أمام هذا العالم الممتلئ بالأمراض والجوع، فقررنا العودة ؛ لاني خفت من الضياع أو المرض، أو نضيف معاناة أخرى لأمي ، فعدنا من حيث أتينا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار