<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
رئيس التحرير | جمال المارمي
فن

من القصص الواقعية.. ★الناجي[9]★

عدن توداي:

يرويها الكاتب / حسين السليماني الحنشي

★بين يدي الحنان★

تحركنا من مدينة (الوضيع) قاصدين قرية الشاب صاحب السيارة الشراعية، وماهي إلا دقائق تقدر بنصف ساعة أو أكثر بقليل من الوقت. وصلنا الى قرية نائية بعيدة عن مراكز المدن التي تقع بها الأسواق، والخدمات.
كانت السيارة الشراعية، تعمل كأجرة أو تنقل الركاب إلى السوق وتسعف المرضى إلى المراكز الصحية في المدن المحيطة بهم.
توقفت السيارة وكنت أحب أن تتوقف هذه المرة؛ بسبب الطريق الذي تكثر به الحفر والحجارة ، كانت طرق غير معبدة.
نزل الشاب صاحب السيارة وقال لي: لقد وصلنا.
نزلت وإذا بإمرأة واقفة وهي تقول: كيف المرأة التي اسعفتموها؟
قال الشاب صاحب السيارة: أنها بحالة جيدة ، ولكن طلب الطبيب أن تجلس بالمستشفى كذا أيام حتى تستكمل علاجها.
قالت المرأة: الحمدلله.
ثم قالت لزوجها: وهل أتصلت بولدي؟
قال زوجها: نعم، أتصلت وأخبرني إن زوجته ولدت طفل!
تعجبت وفرحت فرحا شديدا بسماع هذا الخبر…
ثم بعد الاطمئنان ، كان بصرها نحوي، وقالت: من هذا الصبي؟
قال الشاب صاحب السيارة: أنه صومالي صغير لايعلم أين يريد؟
وجدته على قارعة الطريق!
تقدمت وضمتني وقالت: أهلا وسهلا بك زائرنا المبارك!
كانت قد فتحت باب قلبها قبل فتح باب المنزل، كنت أراها تشع نورا وحنانا، فدخلنا البيت وأنا دخلت قلبها المحب، كنت أشعر بذلك!
كان البيت مبني من الصخور البيضاء ، كانت الاسقف والنوافذ والأبواب من الخشب.
وماهي إلا لحظات ويتقدم صاحب السيارة الشراعية، نحو المصباح فزاد من الإضاءة، وأنا جالس في صالة المنزل، كانت الإنارة من مصباح، يعمل على ألغاز المنزلي، حتى نستطيع الجلوس ، وماهي إلا لحظات بسيطة أيضاً، وتأتي تلك المرأة وهي أم الشاب صاحب السيارة. عرفت ذلك منه حين يناديها…
وضعت على الأرض صحفة بها طعام العشاء…
قالت : تفضل ياولدي ، كانت أول كلمة تلقيتها بمكان لا أتوقعه، بوسط الليل والغربة والوحدانية , لا أعرف أحد في هذا الكون ، ولا أعلم ماذا سيفعلون بي !
كنت صامت اللسان، متحرك البصر في كل الاتجاهات ، كان سمعي يكاد أن يسمع خطوات النمل قبل وضعها على الأرض!
كنت بحالة صعبة.
خرجت المرأة أم الشاب صاحب السيارة. ورجعت ومعها الشاي تحمله ، وصبّت كأس من الشاي ووضعته بين يدي وهي تقول: أشرب أشرب ياولدي.
نظرت إلى أبنها وهي تقول له: مالي لا أراك تأكل ؟
قال الشاب صاحب السيارة أبنها: يا أمي أنني لست جائع الحمدلله.
ثم قال لها: أنني ذاهب الى النوم .
قالت: أذهب إلى سريرك وخذ راحتك، لقد تعبت كثيرا هذا المساء.
ولا تهتم بهذا الصغير .
جلست عندي وهي تقول : كُل إن هذا الطعام لك، لاتخاف ، كانت يداي تسحب اللقيمات ببطء. تضع يدها على ظهري وتمسح عليه ، كان الحنان يتسرب إلى قلبي كان السمع عندي بدأ يتلاشى ، لا أسمع غير صوتها الجميل ، نظرت إليها وهي تمسح خديها من الدموع ، نكّست رأسي وواصلت أكل الطعام ، انسحبت من الطعام كي أشعرها أنني قد اكتفيت منه.
ناولتني الشاي، كانت إمرة كبيرة وكان لونها أبيض. وكانت كثيرة الدموع, أخذت بيدي وقالت : تعال معي حتى تنام، قمت معها وأدخلتني بجانب أولادها صاحب السيارة وواحد أصغر منه، ووضعتني على فرش كانت جاهزة للنوم وغطتني ، فقالت: نم يابني وأرتاح لك إلى الصباح.
كنت أنظر إلى السقف الخشبي للمنزل وانظر إلى النوافذ. كان ألكل نائم. لحظات وأسمع أصوات الادياك من الدجاج.
وماهي إلا لحظات ويتسرب خطوط من نور الفجر من ثقوب صغيرة للنوافذ ، وبينما أنا على هذا الحال أسمع أصوات الأغنام وبعض نهيق الحمير.
كان المنزل على جانب الطريق للقرى المجاورة ، تمر به سيارات الأجرة الشراعية الذاهبة إلى السوق .
دخلت علي تلك المرأة أم الشاب صاحب السيارة، ومعها الشاي والقهوة، والحليب، وقطع من الخبز الجاف.
وأخذت بيدي وذهبت بي الى الحمّام المبني خارج المنزل، وصبّت على يدي الماء ومسحت وجهي .
أعادتني الى المكان، وقالت: هيأ كُل هذا الطعام وأشرب هذا الحليب والقهوة والشاي، فهو لك، ياولدي ثم خرجت.
تقدمت إلى الطعام وأكلت منه حتى اكتفيت!.
أحسست بلذة الحنان والأمان، وتنفست من أعماق قلبي!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
Vidutiniam paaugliui kiekvieną dieną reikalingas 0,9 1,1 gramų baltymų vienam kilogramui kūno masės. Multi camera editing & render setting. Image source social media.