فقدان الذاكرة هو حالة عقلية غير طبيعية تتأثر فيها الذاكرة والتعلم بشكل لا يتناسب مع الوظائف المعرفية الأخرى للمريض، ويمكن أن يؤثر ضعف الذاكرة في تعلم شيء جديد؛ بسبب ضعف في مراحل التشفير أو التخزين أو الاسترجاع، ويمكن أن يؤثر أيضاً في استدعاء الذكريات المكتسبة سابقاً، التي قد تتضمن تجارب شخصية أو معلومات عامة أو المهارات الحركية. فما فقدان الذاكرة النفسي؟ وما أعراضه؟
ما فقدان الذاكرة النفسي؟
يُعد فقدان الذاكرة النفسي اضطراباً يتميز بوظيفة غير طبيعية للذاكرة في غياب تلف بنيوي في الدماغ أو سبب بيولوجي عصبي معروف، وهو ناتج عن آثار الإجهاد الشديد أو الصدمات النفسية في الدماغ، وليس من أي سبب جسدي أو فيسيولوجي.
يشمل فقدان الذاكرة النفسي ضعف الذاكرة المتقدم الموجود في الاضطرابات العقلية مثل الاكتئاب، الذي يمكن أن يؤدي في شكل متطرف إلى الاكتئاب الكاذب، ويمكن أن يتسبب في نوبات عابرة أو منفصلة من فقدان الذاكرة الرجعية «الأحداث التي وقعت في الماضي» أو فقدان الذاكرة المتقدم «المهارات المُكتسبة في المستقبل»، والذي نشير إليه هنا باسم فقدان الذاكرة «نفسي المنشأ»؛ أي أنه ليس بسبب مرض دماغي مُحدد.
تمَّ استخدام عدد من المصطلحات لوصف فقدان الذاكرة غير المبرر طبياً، بما في ذلك فقدان الذاكرة «الهستيري» و«النفسي» و«الانفصالي» و«الوظيفي».
وتتطلب كل هذه المصطلحات استبعاد أي سبب عصبي أساسي وتحديد الاضطراب النفسي الذي أدى إلى فقدان الذاكرة، ولسوء الحظ قد يؤدي فقدان الذاكرة إلى صعوبة تحديد السبب.
أسباب فقدان الذاكرة النفسي
وفقاً لجمعية الطب النفسي الأمريكية «APA»، غالباً ما يحدث فقدان الذاكرة بسبب أحداث مؤلمة أو مرهقة، مثل صدمات الطفولة وسوء المعاملة والإهمال، ويمكن أن ينجم فقدان الذاكرة النفسي أيضاً عن قضايا تتعلق بالهوية الشخصية والتجارب السابقة.
أنواع فقدان الذاكرة النفسي
هناك نوعان رئيسيان من فقدان الذاكرة النفسي، وهما: فقدان الذاكرة الشامل وفقدان الذاكرة الخاص بحالة معينة.
– فقدان الذاكرة الشامل
المعروف أيضاً باسم حالة الشرود يشير إلى فقدان مفاجئ للهوية الشخصية يستمر لبضع ساعات أو أيام، وغالباً ما يكون مصحوباً بضغط شديد أو اكتئاب، وغالباً ما ينطوي على فترات طويلة من التجوال والارتباك، وهي حالة نادرة جداً، وعادة ما يتم علاجها بمرور الوقت، وهي حالة تحدث نتيجة لحدث صعب للغاية أو صدمة شديدة، بوصفها جزءاً من اضطراب ما بعد الصدمة.
– فقدان الذاكرة الخاص بحالة معينة
يرتبط بشكل شائع بالأحداث الصادمة أو التجارب العنيفة التي تنطوي على صدمة عاطفية، مثل التعرُّض للسرقة أو الاغتصاب أو التورط في حادث سيارة، ويُعد الأشخاص المعرضون لخطر متزايد مثل أولئك الذين تعرضوا للاعتداء الجسدي في أثناء الطفولة، وأولئك الذين تعرضوا للعنف المنزلي والكوارث الطبيعية والأعمال الإرهابية والجنود الذين خاضوا القتال، وبشكل أساسي أي شخص عانى من أي ضغوط نفسية شديدة أو صراع داخلي لا يُطاق.
ويقترح علم النفس الفرويدي أن فقدان الذاكرة النفسي هو فعل للحفاظ على الذات؛ حيث قد يكون البديل هو القلق الشديد أو حتى الانتحار، لذلك يتم قمع أو منع الذكريات غير السارة أو غير المرغوب فيها أو الخطيرة من الناحية النفسية من دخول الوعي بوصفه نوعاً من الرقابة الذاتية اللاشعورية، لكنها تظل في اللاوعي.
ومن الناحية العصبية، يتم حظر معالجة الذاكرة الذاتية الطبيعية بسبب عدم توازن هرمونات الإجهاد مثل الجلوكورتيكويدات والقشرانيات المعدنية في الدماغ، ولا سيما في مناطق الجهاز الحوفي التي تشارك في معالجة الذاكرة، ولكن تمكن استعادة هذه الذكريات المكبوتة تلقائياً، بعد سنوات أو عقود من الحدث، بسبب رائحة معينة أو طعم أو محددات أخرى.