<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
رئيس التحرير | جمال المارمي
مقالات

كنت في عدن

كتب: د. لمياء الكندي

من حوالي اسبوع كنت في زيارة الى مدينة عدن برفقة اسرتي الحبيبة، عدن المدينة التي دخلتها والخوف يملكني واحتمالات التوقيف في احد النقاط الامنية او عرقلة وتأخير دخولنا اليها حاضرة، كان الخوف والتوجس رفيقنا ونحن نسافر اليها قاطعين مسافة خمسة عشر ساعة سفر حتى نصل.

تجاوزنا النقاط وكلما ننتهي بنقطة نسأل عن الاخرى إلى أن دخلنا عدن سالمين، كان سائق السيارة من أبناء شبوة وكنا نحرص على إخفاء هويتنا الشمالية او بالأصح اليمنية، لم يكن هذا حالنا فقط بل حال جميع من يدخل إلى عدن إما للعمل او الزيارة أو السفر عبر مطارها.

ما أن انتهينا من تجاوز كل النقاط التي لم يعترضنا فيها ما يمكن أن يكدر سفرنا، حتى تنفسنا الصعداء وانجلى لنا وجه هذه المدينة الجميلة، غسلنا كل مخاوفنا بمياه بحرها الكبير، استعدنا ذواتنا ونحن نعبر في شوارعها لا شيء يمكن أن يثير خوفنا او يخبرنا بأننا غرباء عن هذه المدينة كنا يمنيين انتقلوا إلى ارض يمنية لا اكثركان هذا هو الشعور العام لنا.

كانت هناك حضور لما يمكن أن نقول عنه دولة طبيعية ونظام على عكس ما كان يقال عنها كانت مدينة امنة وهادئة لا شيء يثير الشكوك ولا يستدعي القلق.

كم كنت اتمنى لوكان سفرنا إليها طبيعي ولو كانت لنا دولة تسع الجميع، لكن لا مجال هنا للتأمل ولا للتحسر ففي عدن أمر واقع يفرض نفسه فصيل شعبي جنوبي يسيطر عليها، ظهر لي هذا الفصيل أي الحراك الجنوبي كدولة على الاقل في حفاظه على الامن الداخلي للمدينة وادارتها وهل للناس حاجة في مثل هذه الظروف اكثر من حاجتهم إلى الأمن.

قد يختلف الكثيرين معي وقد يتفق البعض، اما من يختلف فسيقول: إذا كانت المسألة مسألة فرض أمن فالحوثيين في صنعاء يفرضون سيطرتهم عليها ويحكمون قبضتهم الأمنية ماهوا الفرق بين مليشيات الانتقالي وميليشيات الحوثي التي تحاربوها؟
عند الفرق بين مليشيات الحوثي وبين الانتقالي لابد أن تكون لي هذه الوقفة:

إن الاستمرار في شيطنة الانتقالي في مرحلة نقف نحن معه بشراكة سياسية وتربطنا به اتفاقيات برعاية دولية هو ضرب من التمزق الداخلي واختراق، على الاقل لهذه المرحلة التي فُرض على كلينا: الحكومة الشرعية، وقيادة المجلس الانتقالي الالتقاء والشراكة فيها، وتجاوز كل الخلافات لصالح الشمال والجنوب، اما الحوثيين فقد اثبتت التجارب السابقة انهم غير جديرين بالشراكة ولا هم اهل لها فسلوكهم الاستحواذي وتمردهم على الدولة وسيطرتهم منفردين على كل مؤسساتها بانقلاب كامل لا يقبل الشراكة هو جوهر الفرق بين الحوثي والانتقالي.

الحوثي يا عزيزي ينطلق من سيطرته على اليمن من ارضيه اقصائية بغطاء مذهبي وعنصري وايديولوجيا خمينية فارسية وعرقية سلالية تفرض بالقوة وتسعى لتأسيس ثقافة وعقيدة عنصرية واستعلائية تصادر حق الآخر بالوجود، وتلغي كافة اشكال التعددية مذهبيا وسياسيا، وخلق مجتمع بعقيدة واحدة يُسير بمنظومة امنية وفكرية تدير كل شؤونه وفق تصورها الخاص، وعلى هذا الاساس ينظر إلى حكم اليمن كحق الهي يحتكره لنفسه واسرته.

شخصيا انظر إلى الحراك الجنوبي كحراك شعبي وعسكري جنوبي خلقته جملة من الظروف التي اسهمت في تكوينها، وما يطمننا منه انه لا يتبنى عقيدة مذهبية او حالة ثورية بامتداد عقائدي مغاير لهوية الشعب يتم استيرادها من الخارج على غرار تصدير الثورة الايرانية ومبادئها للحوثين.

فهو لا يشكل تهديد للهوية اليمنية ولا للأمن القومي العربي او للمنطقة، وان كان حضوره العسكري يتصادم مبدئيا مع خيار الدولة الواحدة التي ما زالت تمثلنا جميعا وتربطنا بها قواسم مشتركة.

ما يحدث في الجنوب هو خلاف سياسي يمكن حله بأليات سياسية واتفاقات لو احسنا تنفيذها لنعمنا بيمن آمن ومستقر، وحتى مبدأ الانفصال الذي يتبناه الحراك الجنوبي يظل خيار قابل للتفاوض لاحقا اذا كانت هذه هي رغبة اخواننا في الجنوب، فلا الانفصال سيلغي يمنية الجنوبيين ولا الوحدة تثبتها، نحن يمنيين بالوجود والفطرة بالدم والجغرافيا والشراكة والانتماء ولندع التاريخ والمستقبل يحكم بيننا.

اما خلافنا مع الحوثيين فهو خلاف على الوجود والهوية خلاف انتماء وفكر وسياسة وتاريخ وعقيده، ليس خلاف رأي ولا سياسة خلاف يسعى لتبديل عقائد المجتمع وجرف هويته، خلاف يؤسس ليمن شيعي بمنهجية طائفية فارسية يتسلط عليها مجموعة من ادعياء النسب السلالي ويصادرونها لحسابهم.

وما اتمناه من اخواننا في قيادة الحراك الجنوبي ان لا يجعلوا من المواطن الشمالي في مناطق سيطرتهم غريما لهم، ان يفتحوا ابواب عدن وكل محافظات الجنوب للزائرين لها من الشمال طالما وهم لا يحملون أي تهديد امني او عسكري او ثقافي لأبناء الجنوب وسلطته القائمة اياً كانت.

اتمنى ان يكون الخاطب الامني في الجنوب مطمئنا لكل اليمنيين ومرحبا لهم ان يفتش الداخلون اليه بألية طبيعية طالما وانه لا يشكل أي تهديد وهذا هو سلوك الدولة الذي ينبغي على قيادة الحراك الجنوبي ان تسلكه.

على الجنوبيين ان يرمموا جراح الحرب الغائرة والبادية في وجه عدن الباسلة، كم آلمتني تلك البنايات والمرافق والفنادق والمنازل التي دمرها الحوثيين اثناء حربهم وسيطرتهم على عدن، كان كل حجر مهدم يخبرنا ان اوباش وقتله وارهابيون مروا من هنا مثلما كان كل شارع وكل جولة وكل بناية في عدن تخبرني ان رجال وشباب عدن واحرارها دحروا هؤلاء القتلة واخرجوهم مهزومين وقذفوا بأوهام السيطرة الحوثية على الجنوب الى اغوار البحر.

كانت بنايات عدن ومؤسساتها وفنادقها المدمرة تشهد ان عدوا مشتركا لكل اليمن شماله وجنوبه شرقه وغربه يقف وراء هذا الخراب، عدواً واحداً هو من سلبنا حياتنا وامننا واستقرارنا ونهب ثروتنا واسقط دولتنا ونهب اقتصادنا.

عدو واحد لا غيره هو الحوثي، علينا ان لا نتجاوز حالة العداء المشترك تجاه هذا المسخ الذي لن يتورع في يوم ما لو قدر له ان يعاود الكره لحرب مدن الجنوب وتدميرها ونهبها باسم الوحدة وباسم الشمال وباسم الوطن الذ ي خانه وجند بعض ابناءه للطعن فيه.

لأجل هذا كله لا ارى الانتقالي مصدر تهديد وجودي لليمن وللشمال وللدولة حتى وان انفصل الجنوب سيظل اليمن الكبير اكبر من راية ترفع هنا او هناك او نقطة حدودية تفرض هنا او هناك وسوف نتجاوز كل هذا لصالح شعبنا ووطننا اذا ما قضينا على التمرد الحوثي واستعدنا يمننا منه.
ودمتم بخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
Multi camera editing & render setting. 10 biggest business trends shaping the future : the business landscape is continually evolving, influenced. Phengold : jūsų kelias į svorio kontrolę ir gerovę.