<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
رئيس التحرير | جمال المارمي
اخبار وتقاريرحوارات

خطير للغاية.. كيف تحول باعة العسل والبهارات إلى أطباء وصيادلة.. هكذا يكذبون على الزبائن والمرضى بهرمونات كيماوية محرمة دولياً

 

عدن توداي/ تحقيق/ عبد الفتاح الحكيمي

من المسئول؟

كيف تحول باعة العسل والبهارات إلى أطباء وصيادلة

خطورة مقولة: العشبة اللي ما تنفعك ما تضرك

هكذا يكذبون على الزبائن والمرضى بهرمونات كيماوية محرمة دولياً

هذه الدكاكين المنتشرة بكثرة في عواصم وأسواق مدن اليمن وكذلك معامل تعبئة الزيوت والخلطات الدوائية المزعومة، الظاهرة والخفية، ومجهولة المحتوى والصلاحية باسم (النباتات والأعشاب الطبية الطبيعية)معظمها لا علاقة له بالتداوي والطبابة، ولا بأدنى معرفة لا بماهية الأعشاب وخصائصها، ولا حتى تمييزها عن بعضها الآخر ، إلا من كون حقيقة استخدام هؤلاء واجهات محلات بيع البهارات والعسل للتربح والكسب السريع مع موجة إعلام الطب التكميلي البديل

وعلى ذمة خطيئة المقولة الشعبية الساذجة القاتلة(العُشبة إذا لم تفيدك، فإنها لن تضرك)، حتى مع تناول أعشاب تالفة ملوثة بأصناف البكتيريا والحشرات

في الوقت الذي قد يذهب فيه أيضاً مريض نقص السكر في غيبوبة إذا تناول جرعة زائدة من قرفة القهوة، أو تناول فيه المصاب بالكوليسترول والتخثر نبات الفيوماريا أكليل الملك، إلى جانب الورفارين ومميعات الدم الأخرى والأسبرين

ظاهرة كثرة محلات بيع الأعشاب والنباتات وخلطات العسل للتسمين ونفخ العضلات الكيماوي وتكبير الأرداف والصدور والأثداء بالمواد الهرمونية وخرز البقر والعنبر المسبب لاضطراب غدة نمو جسم الإنسان (الدرقية)، وزيادة الأنتصاب بعقاقير هرمونية مضافة ومدسوسة مثل مشتقات الفوسفودايستريس phosphodiesterase المثبطة للأنزيمات الطبيعية كما أكدت مختبرات سعودية قبل فترة، كلها مظاهر ركوب موجة الهلع المالي السريع والإضرار بالناس بوسائل قاتلة ومهلكة للجسم والصحة والعقل والمال

حقائق بالأرقام

تجاوزت ظاهرة بيع النباتات الطبية العشوائي المخيف محلات البهارات حتى إلى البقالات المجاورة لها

وفي صنعاء وعدن وتعز وأب والحديدة وحضرموت وشبوة، وأسواق عواصم المحافظات الأخرى نجد أكثر من ١٥٠ صنفاً نباتياً على الأقل عدا الزيوت تسللت إلى البقالات ودكاكين البهارات كأي سلعة أخرى استهلاكية معروضة للبيع بعد أن لاقت هذه العقاقير النباتية الرواج الكبير في الدكاكين الشهيرة لبيع النباتات والأعشاب الطبية المستورد غالبيتها من الخارج، أو تلك المجلوبة إلى السوق المحلية من قرى ومناطق اليمن، تعز، اب، أبين، صنعاء ، البيضاء، حضرموت، وغيرها

وبالأرقام يبلغ عدد أنواع العقاقير الطبية النباتية المُفْرَدة المعروضة في كل أنحاء اليمن، بما فيها المعدنية ٤٠٠ نوعاً يضاف إليها بهارات المطبخ العلاجية أيضاً

كما تعرض في محلات بيع العسل والدكاكين الشهيرة وغيرها مركبات وخلطات وزيوت مستوردة عديدة تحاكي طلبات فئة خاصة تهتم بالعناية بالبشرة والشعر والجمال والرشاقة، ولتقوية الرغبة الجنسية والتسمين بالهرمونات المحرمة دولياً بعد أن تراجعت نغمة سوق أدوية علاج العقم ومشاكل الإنجاب وأمراض الجهاز الهضمي والصدر والبواسير والنواسير

ما يجري في ما يسمى عطارات وبهارات ومحلات بيع عسل مجرد طِلبة الله(عرض وطلب) لا علاقة له بالتداوي بل بالبلاوي، ولا علاقة له بالطب البديل والمنتجات الطبيعية وحتى الصيدلانية، بل بالغش التجاري وقلة الضمير وغياب أدنى رقابة لأجهزة الدولة !!

 وما خفي أعظم

يعرضون عليك في الرفوف والأدراج بطريقة بدائية سموماً قاتلة ملوثة بالبكتيريا والحشرات وحتى مخلفات الفئران والزواحف على أنها عقاقير الطب البديل والطريق إلى السعادة، وأن كلها من الطبيعة إلى الإنسان وسعادته

وناقشت البروفيسور طيب الذكر الدكتور عبدالناصر الجفري في الموضوع قبل ١٣ سنة من الآن ، وكان يكلف تلامذته بمسوحات لأسواق عدن ولحج وشبوة وحضرموت، فتغيرت ملامحه من الغيض، فقال أكثر من ذلك بتذمر أن كل التقارير الفنية التحليلية والتحذيرية التي يقدمها المتخصصون تصطدم بحالة عمى وتجاهل فظيع، فوعي الجهات المعنية بخطورة ما يجري ليس أفضل حالًا من وعي أصحاب ثقافة((ألعشبة اللي ما تنفع فإنها ما تضرك))

ومع افتراض التعامل مع هذه العقاقير كمواد استهلاكية وليست طبية علاجية، فهي مثل أي بضاعة وسلعة لها تاريخ إنتاج وتاريخ انتهاء صلاحية

وعند تطبيق هذه القاعدة الذهبية على هذه المغشوشات سوف ينام أي مسؤول تمويني أو صحي مرتاح الضمير والنفس

فلا حاجة للناس بالموت بسموم بطيئة أو سريعة، وقد تحللت وتآكلت العقاقير بالتسوس كما يحدث ذلك أيضاً لبذور نبات القُطْبة، قُرطبة، ألشرشر، شوك الجملTribulus terrestris الأشهر بين أعشاب علاج حصوات الكلى وغيرها، فيضاف إلى طبيعتها الهرمونية الصابونينية السامة سموم انتهاء الصلاحية والجهالة حتى بأبسط شروط وقواعد خزن وحفظ النباتات والأعشاب الطبية، وكذلك مواصفات تجهيزات هذه المحلات البدائية لمزاولة مهنة علاجية بهذا السمو والخصوصية

من العطارة إلى الطوارئ

قال لي أحدهم في الشيخ عثمان بعدن: طلبت من محل عطارة في عدن عشبة لطفلي المصاب بمغص أمعاء حاد، وما نُمنا تلك الليلة إلا ونحن في غرفة طوارئ المستشفى بعد أن تدهورت حالة الطفل، وأصيب بأسهال حاد وطفح جلدي وحمى وقيء

كانت رائحة عفونة البابونجChamomilla officinalis التي تناولها الضَّحية تنبعث بقوة من العلبة البلاستيكية في محل بائع البهارات، واستمر عرضها على آخرين قبل أن يعلم البائع بفعلته الغبية، بل قامر على جودة العشبة، لولا طيبة والد الطفل الذي اشترط عليه إتلاف أزهار البابونج مقابل تخليه عن رفع شكوى إلى الشرطة

مثل ذلك تُعرض أوراق النعناع المتهالكة منخورة بالسوس وعليها العناكب، وقد مرت عليها انتهاء صلاحيتها فترة طويلة، وكذلك أوراق نبات المريمية،المراميه Salvia officinalis الشهير في علاج أمراض النساء والسكري والتخسيس وتحسين هرمون البروجيسترون

أو أوراق نبات لسان الثور Borago officinal ألشهير كمقوي وفاتح للشهية، لكنه مثل كثير من الأعشاب والنباتات الطبية قابل للتلف السريع، في درجات حرارة وضؤ وطرق خزن وحفظ سيئة وكارثية

ويصر هؤلاء ليس على استمرار عرض هذه المخلفات السامة بل وبيعها أيضاً لاسترجاع ثمنها؟

وفي الغالب استهانة بأرواح وصحة الناس، واستهتار بأخلاقيات مزاولة مهنة البيع والشراء نفسها، فما بالنا بمزاولة الطبابة والتطاول عليها، ولو في أبسط صورها

ولا تزال في ذهني مشاهد من تعز وعدن وصنعاء للعديد من هؤلاء وهو يعرض نباتات وأعشاب مجهولة غير التي يطلبها الناس على أنها المطلوب ذاته لمجرد التكسب واستغلال تفاعل الناس مع القنوات الفضائية وبحثهم في السوق عن ما تروجه، حتى إن أوراق شربة السنا مكي Cassia angustifolia تباع على أنها الحرجل لعلاج السكر، أما أوراق نبات الزعرور Crataegus monogyna المستعمل كخافض لضغط الدم المرتفع فيعرضها البعض على أنها أوراق نبات الجنكة Ginkgo biloba التي اشتهرت قبل فترة كمقوي جنسي

وعندما تهرع النسوة إلى محلات البهارات(المنتحلة صفة العطارات) لشراء عشبة ذكرتها إحدى القنوات الفضائية، تباع بذور نبات بذر الخلة Ammi magus على أنها بذر قطونة Plantago afra، بعلم البائع أو شطارته أو بجهله للفرق بين بذور(ألخلة)لعلاج حصوات الكلى وتوسعة الحالب والشرايين بإشراف طبي، وبذور أخرى لتنعيم شعر المرأة(القطونة) رغم فائدتها لأمراض الجهاز الهضمي والصدر

في الشَّنيني وكريتر

سألت أحدهم في سوق الشنيني بتعز عن أوراق نبات وبذور شهيرة في تجميل النساء، وعندما عرف مني بعد عرضها عَلي أنها ليست هي المعروفة، قفز من مكانه في حالة ذعر يخاطب الوكيل بالتلفون: أشتي فلوسي المئة ألف أنا خسران، أعطيتني بضاعة ما لهاش سوق ولا طلب، ثم حلف علي أنني ضيفه على الغداء بعد إنقاذه في الوقت المناسب، فمازحته: أخشى تعزمني على وجبة نباتات طبية، فضحك من قلبه واستعجل لاسترجاع نقوده فقط ، وليس لأنه يعلم بمخاطر بيع عقاقير قد تصيب النساء بالصلع على الأقل بدلًا من تكثيف الشعر وإطالته وتلميعه، أو أن أوراق نبات السنا مكي المُسَهِّلة التي تباع على أنها أوراق الحرجل Solenostimma argel ستجعل الشخص يقضي حاجته في ملابسه على الأقل بدلًا من خفض سكر الدم المرتفع

الحمادي الذي ترك شغل البهارات في صنعاء قبل سنوات: إن ثمرة المنفلة المستعملة في علاج السحر من شجرة Randia dumetorum والمعروفة أيضاً بقرص الغراب قد تقتل الشخص بعد الجرعة الأولى

وهي ثمرة مقيئة ومسهلة تجلب من الهند ، وتستعمل عندهم بأشراف طبي لعلاج بعض أمراض المعدة

ورغم سميتها في حالتها الطبيعية، فلا تكون قاتلة إلا في البيئة اليمنية حيث تخزن وتعرض لأكثر من عشر سنوات متوالية

وتركها المعالجون بالقرآن الكريم في علاج السحر ليستبدلونها بما لا يقل منها خطورة على حياة الإنسان، وهي بذور حبة الملوك، حبة السلاطين، شربة الفيل Croton tiglium، التي لا يميزون بين بذور ثمارها البُنِّية اللون شديدة الخطورة حتى عندما تكون في حالتها الطبيعية، وبين لون البذور عندما تصبح سوداء تالفة، وسامة وقاتلة ومبكترة بالسالمونيللا

وزعموا أنها من الطب النبوي، ولم يفرقوا أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما أوصى بالأستمشاء(استعمال المسهلات لافراغ سموم الباطنة والصفراء وعلاج الامساك)) حذر الصحابية أسماء بنت عميس في حديث صحيح من الأستمشاء بالمسهلات العنيفة والخطيرة ومنها الشِّبْرم الذي علم أنها كانت تستمشي به فقال لها:(إنه حار جار) وأوصاها بنبات السنا مكي

وإنه صلوات الله عليه قال في حديث صحيح أيضاً : عليكم بالسنا، وإياكم والشبرم فأنه حار جار))

ويعتبر الشبرم الذي حذر منه صلوات الله عليه أقل خطورة من حبة الملوك، حبة السلاطين، شربة الفيل)، فكيف يتجرأون مرتين، الأولى تجاهل تحذيرات النبي الأمين، والثانية الإضرار بصحة البشر بعكس مقتضيات حماية السنة النبوية للأنسان

واستمر التطفل القاتل، ومات أناس بذلك في مناطق عديدة باليمن على أساس(إن العشبة اللي ما تنفعك ما تضرك) لكنها قد تنقلك إلى أقرب مقبرة أو قسم طوارئ

يحدث ذلك في بلد لا يبدو أن وزارة الصحة ومكاتبها في عدن وصنعاء وأب وتعز وحضرموت تعرف وظائفها الوقائية ، ولا وزارة التموين والتجارة ورقابة وفحص الجودة تعرف وظيفتها في حماية المستهلك من مخرجات تجارة العقاقير النباتية والعشبية وغيرها

هذه الحالة لا تحتاج إلى مختبرات ولا محاليل وصبغات كيميائية لتقييم صلاحيتها ولا إلى تقارير فحص صلاحية لأشياء يستطيع أي شخص بالتدريب والتركيز معاينتها وملاحظتها وملامستها ومشاهدتها بالعين المجردة وبالطعم والرائحة وحاسة اللمس كذلك، كأشياء بائنة ظاهرة مكشوفة ومحسوسة، وهي القاعدة العلمية الأخلاقية الأولى المعتمدة في الكشف عن صلاحية المنتجات أكثر من المختبرات وقصصها

وكيف أن سلطات صنعاء فاجأتنا مؤخراً بإتلاف إطارات سيارات مخالفة للمقاييس، وتتغاضى مع مثيلاتها في عدن وتعز وأب والحديدة وحضرموت عن سموم يومية قاتلة للأنسان مباشرة تُرى بالعين المجردة

وتعلمنا على مقاعد الدراسة إن أهم معايير فحص الأغذية والأدوية والنباتات الطبيعية الحقيقي هو الفيزيائي بالحواس قبل الكيميائي

وعندما يصر البعض على الأحتجاج بأوراق وتراخيص لبضاعة تراها بالعين المجردة تالفة عيني عينك ولونها ورائحتها وطعمها الله يلطف ، اقرأ على بقايا الدولة الفاتحة، وليس السلام، عندما لا تسلم أروح الناس من الأستهتار والعبث

جذور المشكلة الحقيقية

ألبداية عندما تتدفق إلى البلاد من الخارج بضاعة نباتات وأعشاب، بمسمى طبية ودوائية، وهي قد فقدت الكثير من خصائصها وجواهرها الفعالة وتأثيرها العلاجي من بلد المنشأ والتصدير نفسه

ويقسم باعة البهارات ومحلات العسل أغلظ الأيمان إن ما يعرضونه من نفايات الآخرين وصل للتو إلى أسواق اليمن

وليس لك الحق أن تصدق عينيك ولسانك وشفتيك ولا حاسة الشم والرائحة ، باعتبار لا قيمة لها أمام ورقة ممهورة بتاريخ إدخال بضاعة جديد، يعتبرونه تقرير ترخيص جودة وصلاحية الأعشاب والنباتات المفردة والخلطات المعلبة ، المستوردة من الهند وسوريا ولبنان، ومصر، وإيران وباكستان

لا عليك إذا كانت بذور الكتانLinum usutatissimum المعروفة في اليمن باسم(مومة، ألسي، علسي) تظهر عليه ترسبات بكتيرية، وقد فقدت لونها البني الفاتح ولمعتها، والملمس الناعم

ولا تصدق لسانك وشفتيك عندما تتذوق بضعة بذور من النبات بعد طحنها بالأسنان، لقياس درجة المرارة الكبيرة غير المستحبة التي طرأت عليها بفعل تلف الزيت والأحماض الدهنية النباتية الطبيعية، وتحولها إلى حامض الهيدرو سيانيد السام للكبد والكلى والخلايا

لا قيمة لحواس الإنسان الخمس عندنا في اليمن كما هو حال يوم القيامة(إن السمع والبصر والفؤاد، كل أولئك كان عنه مسؤولًا)

ولا بقايا البابونج وزهر الخزامى ولسان الثور وغيرها المعروضة للأستهلاك الآدمي بعد تلفها وتسوسها تعتبر من الأدلة

واليمن لعلها البلد الوحيد في العالم الذي لا يحتاج إلى أجهزة وتقنيات ومحاليل حديثة لأثبات فساد وتلف وتبكتر وعفونة بعض البضائع المستوردة والمحلية والمتهالكة بالخزن والحفظ السيء

وعندما سألت مؤخراً أحد مستوردي البابونج عن سبب تقافز الحشرات من كيس العشبة البلاستيكي، أكد أنها وصلته قبل شهر من بلد عربي شهير

مع اعتبار أن الرجل قد لا يكون دقيقاً لأخلاء مسؤوليته، أو هو على حق، فيعزز ما ذهبنا إليه في نوعية وحالة النباتات والأعشاب الطبية المستوردة

أما الإحتجاج بأوراق ومعاملات مخالفة للفطرة، فأسوأ بكثير من جهالة وشَرَه باعة نفايات النباتات والأعشاب الطبية

ومثل بذور الكتان تستهلك بكثرة عندنا لعلاج حصوات الكلى ورمال البول، والتهابات الحالب والمثانة، وتظهر المضاعفات الصحية على الكلى أحياناً بعد تعاطي عدة جرعات منها لأيام بصورة التهابات، ناجمة عن سببين، الأول أما بسبب تلف البذور، والثاني تعاطي الناس لجرعات كبيرة عشوائية، مع افتراض تناول بذور صالحة للأستعمال الآدمي

ومثلها الثمار الشوكية لنبات القطبة، الحسك، الشرشر، المجلوبة من الهند أو من أرياف اليمن ، وهو نبات سام بذاته لاحتوائه صابونينات هرمونية بتركيزات عالية، معظم الهندي المتداول منه الآن في محلات البهارات وغيرها نخرته حشرة السوس وتعشعش فيه السالمونيللا، أو تغير جزء منه من البني الفاتح إلى الأسود، ولا يصلح بأي حال

أما أوراق وثمار القطبة البلدي فتفقد صلاحيتها غالباً بطريقة التجفيف الخاطئة في ضؤ ووهج الشمس وحرارتها

لأن الصحيح تجفيف كل ألأوراق والثمار الرطبة في الظل وتهويتها بعيداً عن الأشعة وضؤ الشمس المباشرة

ويتناول الناس جرعة عالية قد تصل إلى ٥٠ جراماً وأكثر في اليوم من مغلي البذور والأوراق، بينما جرعتها العلاجية المأمونة في طب الأعشاب الهندي لا تتجاوز ملعقة صغيرة من المسحوق في ماء مغلي مع أعشاب أخرى مثل ملعقة صغيرة من أوراق النعناع ومثلها بذور الكتان لحماية الكلى والغدة النخامية وغيرها

ولا يتجاوز استعمال القطبة بحسب البروفيسور عبدالناصر الجفري ثلاثة أسابيع، مرة واحدة في اليوم

قائمة طويلة من توالف نباتات وأعشاب محلات البهارات والعسل التي تباع مفردة أو مخلوطة في ملفوفات فضِّية بأسماء محلات أو أشخاص ، ومعها المساحيق والمعجونات والمركبات المعبأة محلياً بأسماء محلات وعلامات ورموز تجارية، من صنعاء إلى عدن وتعز وأب وذمار

فمعظم محتويات علب البلاستيك لا يختلف عن حال ومواصفات المعروض في ما يسمى مجازاً عطارات، وبهارات وغيرها، فمصدر التوريد الخارجي والداخلي نفسه

والملف كبير جداً جداً، يبدأ من غياب الرقابة المختبرية وضبط صلاحية مكونات ومحتويات العبوات، إلى مواكبة شروط خزن وحفظ الأعشاب والنباتات وتعبئتها وعرضها لأبسط القواعد العلمية

مروراً بإجازة تداول العقاقير وترخيصها المفتوح والتساهل في عدم حماية المستهلك من السموم والمغالاة في الأسعار، إلى مراقبة حركتها

وإذا افترضنا أن مستوردات النباتات والأعشاب الطبية تصل أسواق اليمن في حالة صلاحية جيدة ومقبولة فلماذا لا تزال تعرض في رفوف بهارات صنعاء وكريتر، وسوق الشنيني، والشيخ عثمان وغيرها في المكلا وعتق، ومحافظة أب والحديدة، وعلى مدى عقود أحياناً كل هذه التوالف القاتلة ، ولماذا ينتهي دور التجارة والتموين بترخيص الاستيراد دون رقابة لاحقة على الأستهلاك أسوة بالبضائع الأخرى

بينما عند الإلتزام بمواصفات وشروط حفظ وخزن ألأدوية النباتية السليمة لا تتجاوز صلاحيتها أكثر من عامين في ظروف المناطق الحارة والمعتدلة

أما وأن هذه السموم تعرض مكشوفة في الضؤ والهواء الطلق ورطوبة الجو ودرجة الحرارة غير الملائمة وفي أماكن ودهاليز موبؤة بمختلف أنواع الحشرات المنزلية والغريبة، وحتى الفئران والسحالي التي تترك مخلفاتها داخل ما يباع بهذه الطريقة للناس فلا يحدث إلا في اليمن

وحتى عندما استعان بعض أصحاب محلات بيع العسل بأدوات تعبئة ووضع المركبات والخلطات المجهولة داخل علب بلاستيكية وأغلفة ورقية ملونة مزركشة من مطابع الحديثة بصنعاء، أو أكياس معدنية تحمل دعاية مبالغ فيها للمحلات وأصحابها ، وتحسين مظهرها الدعائي فإن محتوى المعروض المخالف للصلاحية والجودة والمقاييس من العقاقير والخلطات لم يختلف، حتى إن كثيرين منهم في ظل غياب رقابة الجهات الصحية والتموينية، يحدد الصلاحية بثلاث وأربع سنوات بحسب ما هو موثق لدينا، ولمنتجات غير مرخصة يقوم بتعبئتها جهلة باسم الطب البديل، والعشبة التي لا تنفعك فإنها لن تضرك !!

أسرار المهنة والمحنة

وبمجرد محاولة معرفة بعض محتويات هذه العلب المجهولة من النباتات والأعشاب، يقول لك أصحابها ببلاهة منقطعة النظير: هذه أسرار المهنة(ألمحنة)، ولكن بمجرد التذوق والطَّعم وحاسة الشم وخبرة بأنواع النباتات والبهارات فقط تعرف إن جزءاً من هذه الخلطات غير المرخصة والمخالفة لشروط السلامة الصحية والأمانة الأخلاقية، حتى إن كانت مكوناتها معروفة في علاج مرض معين، إلا أنه لم يتم تصفيتها وتنقيتها وغربلتها من الحصوات والرمال والطين التي تترك أثرها داخل الفم والأسنان، عدا أنه لا يعلم عن حالة مكان الحفظ والخزن ومواصفاته، كما هو حال عينات عبوات علاج حصوات الكلى وغيرها التي لا نعدم معها آثار حصوات مسحوقة مضافة تعلق باللسان والأسنان بسهولة

أما الأسعار، فتكتشف أن كل تلك الزهنقة والزخرفة على القراطيس وعلب البلاستيك المغلفة تصل سبعة أضعاف قيمتها فيما لو تم شراء مكونات الخلطة كنباتات وأعشاب مفردة صالحة بالتجزئة، فمتوسط شراء ٥٠ جراماً من بذور أعشاب علاج حصوات الكلى أو المعدة في دكاكين البهارات يصل إلى ٥٠٠ ريال يمني على الأكثر، لكن مجرد طحنها وتغليفها بالجملة في محلات بيع العسل المنتشرة بفوضى يضاعف قيمتها بين ٢٠٠٠ إلى ٣٠٠٠ ريال

وحين تكلف ١٠٠ جراماً من مسحوق القسط الهندي Costus spisiuos المشتري ٥٠٠ ريال يمني في بهارات كريتر يتم تعبئة ٤٠ جراماً منها في كبسولات وغلاف دعائي بسعر بين ٢٠٠٠ و٣ آلاف ريال وأكثر !!

ونادراً ما يبيع البعض مركبات الأعشاب المجففة والمغلفة بورق معدني بسعر أقل ومحتويات مجهولة، إذ أنه سرعان ما تكتشف إضافة نشارة الخشب بعناية ماكرة لزيادة الوزن كما هو حال بعض خلطات علاج البروستاتا المعبأة محلياً في الشنيني والشيخ عثمان !!

والمعضلة أكثر ليست في السعر بل في عدم مطابقة المبيعات للمواصفات وشروط السلامة والأمان

ألمحنة الأكبر

أنه عندما بدأ سوق العسل يمر بحالة كساد بعد انتعاشته المفاجئة من عام ١٩٩٤م إلى ٢٠٠٠م تحول باعة العسل والحبة السوداء وطلع النخيل والمقويات الجنسية والفحولة والخصوبة الذكورية وغذاء ملكة النحل والبروبليس إلى معالجين وأطباء وصيادلة، وكلها بنظرهم خلطات وعصرات وتعبئة علب بلاستيكية وقراطيس ملونة على قاعدة((ألعشبة التي ما تفيدك ما تضرك)) والأعمار بيد الله العزيز الجبار

وكانت أم الكوارث في انتقال بيع النباتات والأعشاب من أصحاب البهارات والمعالجين التقليديين المشهورين قبل وفاتهم إلى أصحاب العصَّارات والخلَّاطات والمطاحن الذين أضافوا مصطلح((الطِّبية)) إلى واجهات محلاتهم بمكر ليوهموا الناس بقانونية وشرعية نشاطهم

ومن خلال الفراغ الكبير الذي تركته أنظمة وقوانين مزاولة المهنة وخلو الساحة غالباً من أطباء ومعالجين حقيقيين مؤهلين علمياً وأخلاقياً، قدم هؤلاء الطارئون أنفسهم كمعالجين ومؤهلين مواكبين لموجة الطب البديل والأخضر والطبيعي والأغبر، وليسوا مجرد أصحاب تراخيص بيع عسل ومكسرات ومساحيق تجميل ودهانات للبشرة والشعر فقط

واستغل هؤلاء حتى الأحاديث النبوية في تجارة عبثية خطيرة كهذه ضمن موجة أخرى، فأضيفت لازمة (التداوي بالقرآن والطب النبوي، وأعشاب داوى بها الرسول صلى الله عليه وسلم) لأضفاء مسحة دينية روحية على نشاطهم التجاري من باب التربح

لإن التداوي بالنباتات في أرض الله الفسيحة لم يقتصر على عشرة نباتات ذكرها الرسول الأمين صلوات الله عليه وسلم

أضفت لازمة الأعشاب النبوية عند العوام مصداقية على هؤلاء المستجدين، تفوقوا بها على المعالجين الشعبيين القدامى المشهورين في أسواق العطارة، وحمتهم في الوقت نفسه من المساءلات القانونية والإدارية عن مؤهلاتهم وخبراتهم وحقيقة ما يصفونه للناس من خلطات يعلم الله وحده محتواها ومستوى جودتها وأضرارها قبل منافعها، كون هؤلاء يتعبدون في البيع والشراء بتمثل السنة وخطى الحبيب

وبفرض شروط مزاولة مهنة ومؤهلاتها وتنظيم ممارستها عليهم تصبح وزارة الصحة والتجارة والتموين وأجهزة الرقابة والبلدية معارضة للسنة النبوية وليست جهات سلامة وحماية لأرواح الناس وأموالهم من العابثين بمقتضى وظيفة الدين الإسلامي نفسه في حماية أرواح وعقول الناس !!

حيلة العسل هو الأهم

واستعاد العسل بهذه الحيلة التجارية الشيطانية سوقه وأكثر بنظرية وحيلة جديدة اخترعوها أيضاً، وهي أن الأعشاب الطبية تكون قليلة التأثير والنفع من دون خلطها بالعسل والحبة السوداء، فأدخلوا العسل حتى من فتحة الشرج مع خلطات البواسير والنواسير، رغم إن المسألة لا تخلو من غش كبير لا يستطيع معها الناس عند خلط النباتات والأعشاب الطبية المسحوقة التمييز بين عسل حقيقي أو سكر محروق وماء لزج بلون عسلي

ولأن الحبل متروك على الغارب، ولم تستشعر وزارات وإدارات البلد المعنية فداحة ما يجري منح هؤلاء العابثون أنفسهم صفة الأطباء والصيادلة وصانعي الأدوية والمنتجين والموزعين، وتحديد صلاحية الخلطات وأسعارها ، ومقنني الجرعات الطبية بكرم حاتمي تعجل بالناس إلى القبور

وتمر كل هذه السنوات وكأن وزارة الصحة ومفتشيها ولوائحها، و كذلك التموين والتجارة والبلدية والضبطيات لا تكترث لما يجري

فأضافة إلى تحضير الوصفات وصرف الأدوية يتطاولون على دساتير الأدوية العالمية بتقرير مقادير جرعات سامة وقاتلة للمرضى والحالات، ومع أخطر العقاقير التي لم يحسم معها الجدل الطبي وجرعاتها ومخاطرها

وما لا يتجرأ طبيب اختصاصي أوخبير أعشاب مؤهل على وصفه، هو أسهل عندهم من شربة ماء وزفرة ثاني أكسيد الكربون، وحبة سجائر، على أساس القاعدة الشعبية الساذجة : ألأعشاب التي لن تنفعك فإنها لن تضرك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
Copyright © 2023 perfect click | powered by perfect click. Buisness quotes business gossips. Uuigftdyfiu6c6ru76gtgc95cvtyfg ggg gygyutf gygfytfty gfytftf ftftf fytfytf gfyfyt gfytf.