منحة الفساد
كتب: جاكلين أحمد
الفساد لا يتجزأ ولا يمكن اعتبار الفاسد رجل مرحلة ولا منقذ ولا على أقل تقدير وقع تحت طائلة الفساد ولو بالخطأ ، فالفساد لا يصدر عن شخص باعتباره الفاسد الوحيد في مؤسسة أو دائرة أو حتى مجتمع.
فهو عالم لا يمكن لأحد فيه أن يكون فاسدا دونما الأخرين من حوله لأن الفساد تماما كالدائرة الكهربائية لايضيء فيها المصباح إن لم تتوافر فيها شروط إضاءته ، وللفساد شروط ورؤوس لابد أن تتوافر حتى تكتمل تلك الدائرة وتأتي أُكلها للفاسدين.
قضية فساد المنح التي أطلت علينا مؤخرا ليست وليدة اليوم ولا هي من صنع الشرعية( ليس دفاعا عن الشرعية ) ومن هم فيها اليوم فقط، ففساد المنح قضية طويلة ممتدة منذ عقود لأن دائرتها الكهربائية ممتدة ومكتملة منذ وقت طويل ولأن عناصر تلك الدائرة هي نفس العناصر قديمها وحديثها ولم تتغير ، والتغيير الوحيد الذي حدث هو تغيير مسميات الوظيفة العامة التي يستغلونها في فسادهم لكن الوجوه والمسميات الشخصية لازالت هي نفسها فالتغيير لايصنع بأدوات الفساد نفسها والفساد ليس من مصلحته أن يصنع تغيير.
قضية فساد المنح التعليمية هي نفسها قضية فساد الوظائف العامة على مختلف الدوائر الحكومية وهي نفسها قضية فساد شعب لا يتحدث عن الفساد إلا إذا كان هو المتضرر من الفساد.
لايولد الفساد بالصدفة ولا يأتي فجأة فهو نتاج دولة فاسدة قائمة على إفساد كل الأنظمة التي من شأنها أن تحافظ على تلك الدولة الفاسدة ولايُقطع دابر ذلك الفساد بمجرد تغيير رأس الدولة أو بمجرد الحديث عن الفساد على مواقع التواصل الالكتروني أو كشفه بضجة إعلامية آنية تنتهي بتقادم الخبر.
لايُصلح الشأن بقرارات من فاسد تناوب على اروقة الفساد أو بثورة فاسد اختلف مع زملائه في الفساد فقرر أن يلقنهم درسا فاسدا في فسادهمن ولا ينتهي الفساد بضجة يصدرها فاسدين يسيرون وفق شرائحهم التي شحنت بذلك المال الفاسد.
الفساد ورم خبيث انتشر في جسد بلادنا ولن يتركها حتى تموت لأن الأورام الخبيثة لا علاج لها خاصة عندما تنتشر في الجسد ولايعود من الممكن علاجها أو حتى إيقاف ضررها ولا تغادر الجسد إلا وقد اماتته.
