<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
مقالات

سبتمبريون ولو طال الانتظار

كتب: محمد الوجيه.

بعد ستون عاماً من ثورة سبتمبر المجيدة، والتي أخرجت اليمن من عصور الظلام الدامس إلى عصر الانفتاح نحو العالم والجد في اللحاق بركب التقدم والحضارة. نجد بعض اليمنيين ينقادون وراء الحكم الإمامي، ونحن الجيل المتعلم والمثقف، فيما أجدادنُا الأميون غير المتعلمون عزموا في تقديم أرواحهم وأموالهم في سبيل الخلاص من تلك القيود. وكل تلك التضحيات كانت لأجلنا نحن، حتى نعيش في ظل دولة مدنية عادلة توفر للمواطن أبسط الحقوق، لعل أبرزها حق العيش.
قد لا نتضجر بشدة من أولئك الأطفال الذين تقودهم المليشيات يوم بعد آخر إلى الهلاك بحجة الدفاع عن آل رسول الله فقد غزت عقولهم، وعملت على تحشيدهم دينيًا، وعقائديًا لذات الحجة. لكننا نأسف، ونتألم من ذلك المعلم الذي سرد لنا في يوم سابق بطولات محمد محمود الزبيري، واسهب لنا في حديثه عن انتفاضة 55، واستبسال اللقية ومحمد العلفي، فيما نراه اليوم يستميت في الدفاع عن يوم الولاية المزعومة متناسي الجيل الذي غرس فيه حب الحرية وعشق النضال.

نتألم من الخطيب الذي أخذ من سنة نبيه علم لا بأس به، ويعلم أن رسولنا لم يكن له آل فقد مات مقطوع النسب، وتراه اليوم يحشد وينادي باسم أحفاد رسول الله. نتألم من ذلك الطبيب الذي أخذ من العلم سنوات طوال، ويريد بنا العودة إلى التداوي بلعق رذاذ آل البيت المزعوم، والإيمان بمبدأ أحمد يا جناة.
نتألم من ذلك الجندي والضابط الذي وقف شامخًا وأدى القسم بحماية الجمهورية ومكتسبات الثورة، ونجده اليوم قد أخلف قسمه وباع نصيبه من الوطن، والعودة إلى عهد العكفة. وكم نزداد ألمً من ذلك السياسي الذي رأينا فيه ملاذ آمن لقيادة البلاد إلى بر الأمان؛ لكنه أراد لشعب كامل أن يعود إلى سنين الجوع والموت من لدغة بعوضة فالأهم أن تكون له أحقية كونه من الأشراف يُتاجر، ويأخذ ما يشاء من مقدرات الوطن وإن عاد لتجارة الرقيق فهو بذلك يحمي آل البيت.

فلو ألقينا نظرة عميقة نستوحي من خلالها ميول الشعب اليمني، وسبل التأثير فيه لوجدناه أكثر الشعوب عاطفية! ينصاع وراء كل صوت يلتمس فيه فائدة أو خلاص لما يعيشه من ويلات وهموم.

برأيكم لو كان في الحكم الإمامي ذرة خير لهذا الشعب هل سيستجيب للثورة والثوار، بكل تأكيد لا. فشعبنا المغلوب على أمره عاش عقود طويلة من البطش، والتنكيل، وممارسة الظلم بأشد أنواعه؛ مما اضطره لخوض الملاحم السبتمبرية بأقل الإمكانيات، والتي جائت كثمرة لثورات عدة، وتراكمات ثورية ابتدًاء من 1948م، وحركة 1955م، مروراً بحركة 1958م، وصولاً إلى 1960م، وليس انتهاًء بثورة السادس والعشرين من سبتمبر. فمازال شعبنا العظيم إلى اليوم يسطر أروع الملاحم دفاعًا عن سبتمبر ومكتسباته العظيمة.

ومع اكتشاف اليمنيين لسوداوية الحقبة التي عاشها أجدادهم، نتساءل كيف لهذا الشعب أن يعود إلى حكم الشعوذة والكذب باسمِ اللهِ بعد أن اكتشفوا زيف معجزات القصر الأمامي، فقد عرف الجميع أن جنود الإمام المرسلون من جيش سليمان، وينطقون من الحديد ماهي إلا أجهزة صنعتها البشرية، وبعد الثورة انتشرت في اليمن لتذيع أخبار الفن، والثقافة، والعلوم، والآداب وتنشر العلم في كل منزل.

عرف الجميع أن الدولة ولدت لخدمة المواطن، وحمايته لا لخدمة العكفة والقصر الإمامي. وأدرك الجميع أن الحاكم هو من يختاره الشعب، ولا ميزات مقدسة تفرق بينه وسائر المواطنين. عرفنا أن من يتغنى ويبكي فلسطين اليوم هو من رفد إسرائيل يوم نشأتها بعشرات الآلاف من يهود اليمن. وهو من أرسل لها أقدم نسخة للتوراة فور اغتصابه للسلطة، وتباهت بذلك وسائل الإعلام الإسرائيلية في العلن كأول تعاون لهم مع السلطات اليمنية منذ قيام ثورة سبتمبر.

كرسالة أخيرة نوجهها إلى أولئك المخدوعين والمتعاطفين مع مليشيات الحوثي وسلالتهم لعنصرية، بأن عليهم قراءة كتاب كنت طبيبة في اليمن للدكتورة الفرنسية كلودي فايان، والتي عملت لفترة زمنية كطبيبة في القصر الإمامي في صنعاء، وعندها فقط سيدركون ماهية الإمامة، وكيف كان يعيش الأمراء في قصورهم فيما الشعب يموت من الجوع، والأوبئة، والظلم، والتنكيل. ستبقى سبتمبريون ولو طال الانتظار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
ركات. The technical storage or access that is used exclusively for anonymous statistical purposes. سكراب حديد نحاس المنيوم بمكة.