لا يخرج أساتذة الجامعة إلا لأمر جلل

مقال لـ: د. أنور الصوفي

رفعت الأقلام، وتوقف صريرها، وجفت الصحف، ومازالت البحوث لم تكتمل، فقد عصر الجوع الأمعاء، وأرهقت الأمراض أجسامهم، وأصبحوا يشكون من قلة الجرذان في بيوتهم، فخرجوا ببيان فيه بعض مطالبهم لعلهم يجدونها عند مسؤول عادل من جملة المسؤولين الذي تكتظ بهم الساحة السياسية، أولئك هم أكاديميو وموظفو جامعات عدن ولحج وأبين وشبوة الذين أخرجهم الجوع، وأخرجهم الوضع المزري الذي أحرمهم من أبسط حقوقهم.

لقد أهين أساتذة الجامعة في مرحلة يأكل سياسيوها كل مدخرات الوطن، وكل الدعم الخارجي، ولم يمر أستاذ الجامعة بمرحلة تشبه هذه المرحلة لا من قريب ولا من بعيد، يعيش الأكاديميون هذه الأيام أيام بؤس وشقاء، فما حولهم لا يوحي بتحسن قريب لوضعهم المعيشي، لهذا قرروا رفع مظالمهم لمجلس القيادة الرئاسي، وللحكومة لعل الرئاسة أو الحكومة يتذكرون أن لهم كوادر يعيشون حالة العوز والفاقة والجوع منذ سنوات.

نعم أخي الدكتور رشاد العليمي، وأنت أخي الدكتور معين عبدالملك هناك نخب يحملون نفس مؤهلكم، ولكنهم لا يجدون ما تجدونه من رغد العيش، لا نقول إنهم يبحثون عن الحياة المعيشية التي أنتم فيها، ولكنهم يبحثون عن حياة كريمة تليق بهم كأساتدة جامعة، فهم باحثون عن المعرفة، ولا يريدون أي شيء يعكر صفو بحثهم عن المعرفة، فلا تخيبوا ظنهم فيكم.

لا تنسوا أن سقوط الأنظمة لا تكون إلا عندما يبلغ الظلم مبلغه، وإذا رأيتم صفوة المجتمع من الأكاديميين، يخرجون، فتنبهوا فالأمر جلل، والخطب عظيم، لأنهم لا يخرجون للبحث عن المادة، فلذتهم وراحتهم يجدونها بين كتبهم وبحوثهم، فإذا خرجوا فاعلموا أن الجوع قد داعب أحشاءهم، ومس الضر أبناءهم، لهذا لا تشغلوهم عن بحثهم، ولا عن طلابهم، فهم لا يطالبون بقصور مثلكم، فمطلبهم قطعة تراب ليبنوا عليها مسكنهم، ورواتب تضمن لهم حياة كريمة يجدون فيها كيس رز ودقيق وسكر ودبة زيت كل شهر، ويريدون أن تغنيهم رواتبهم عن الوقوف على المطبات للوصول إلى كلياتهم، وأن تعينهم تلك الرواتب على تطبيب أوجاعهم، وتعينهم على شراء بعض المراجع، لإثراء معارف طلابهم، فقد أهين أستاذ الجامعة في هذه المرحلة بما فيه الكفاية، فالثورات تأتي إذا مست الحاجة أساتذة الجامعة، فتنبهوا لذلك، والدكتور معين يعلم ذلك جيدًا بصفته أحد الثوار في يوم من الأيام.