القراءة ودورها في بناء العقل

بقلم / جمال عبد الرحمن الحضرمي
تظل القراءة هي بداية المعرفة للإنسان بهذا الكون وبمن حوله ..حيث عاش في خلوته يستمع الى أصوات الطبيعة المختلفة بدأ يصدى صوته الذي كان يرسله للبحث عمن يرد عليه ، وميز بعدها صوت الرياح ،واصوات الطيور والحيوانات المختلفة ،فقلد الانسان الأول أصوات العصافير والحانها ، ليكون الفن بداية تكوين الفكر لدى الانسان ليعبر عن مشاعره واحاسيسه بالغناء ، وعندها ميز الالحان المختلفة فبدأ يقلدها ، ويرسم صور الطيور والحيوانات في الصخور والجبال والكهوف ، فتشكل الحرف لديه ..وكانت الكلمة رسما ، وتطورت الى اشكال مختلفة صاغها وبينها للأخرين ليتفق على فهمها بشكل جماعي ، فكانت القراءة هي اللغة المشتركة والناطقة بين بني الانسان ،
وهكذا أصبحت الحرف رسما ، وتم النطق بالكلمة وتقليد أنواع أخرى من الحيوانات الناطقة ، فأصبحت القراءة وسيلة الانسان للمعرفة ونقلها للآخر وشرح أفكاره ورغباته ، (وعلم ادم الأسماء كلها ) صدق الله العظيم ، أي هداه الى المعارف وتطوير القدرات في كل مجالات الحياة بعقله وحكمته، انها البداية لتراكم المعرفة منذ الاف السنيين ، ليصبح الانسان المعاصر اكثر قدرة على الاستفادة من مكونات الطبيعة وتسخيرها لآماله وافكاره وطموحاته ،
ومن خلال هذا التراكم المعرفي عبر القراءة بأنواعها واشكالها تكونت قدرات الانسان وتباينت مواهبه وفقا لقدرته على القراءة والاطلاع والفهم والادراك للمعلومة وتسخيرها في مكانها وموضعها الصحيحين ،
فانتقل الانسان من مرحلة الى أخرى ومن ثورة علمية الى ثورة اكثر تقدما من السابقة لها فزادت قدراته من استخدام الحيوان للنقل الى استخدام الخشب والحديد والآلات النفاثة والقدرات الا متناهية في استخدام العقل لبناء الحضارة بأشكالها وانواعها ،
وها هي أصبحت القراءة في عهدنا باللمس ونقل الصور والتحدث للآخر عن بعد ولوكانت المسافة الاف الكيلومترات ، وتجاوز الانسان بقدراته المعرفية عصر القراءة في الكتب الى القراءة والمشاهدة معا ، وانطلق الانسان في فضاء الكون الرحب وصناعة العلم والدمار معا ، فباي حديث بعد هذا أقول عن أهمية القراءة في زمننا ، ولهذا لا طريق يخرج المجتمع من جهله سوى القراءة والعلم باعتبارهما مصدر مستمر متدفق للحياة والنمو والازدهار ، والمطلوب هو توجيهها نحو الخير والبناء ، فلا معنى للإنسان الا ببناء عقله عبر القراءة المفيدة والايجابية التي تبنى ولا تهدم ، وتصلح ولا تخرب ، وتنطلق بالشباب نحو مستقبل افضل ،فإلى ذلك ندعو وبالله نستعين .