من خلال زيارته لأمريكا.. رئيس الوزراء يرسم ملامح مرحلة جديدة للشراكة مع المجتمع الدولي

عدن توداي/تقرير خاص:
رسمت زيارة دولة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك لكل من نيويورك وواشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية، كبرى دول العالم في صنع القرار السياسي الدولي، والتي ترأس خلالها الوفد الحكومي المشارك في الاجتماع الوزاري الدولي لدعم الحكومة اليمنية سياسياً واقتصادياً، والذي عقد في نيويورك في 20/1/2025، بمشاركة 35 دولة، رسمت معالم واضحة لسياسة خارجية نحو تحقيق تطلعات الحكومة اليمنية في دعم اقتصاد البلد المتعثر جراء تداعيات الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي الإرهابية، ودعم خطة الحكومة للإصلاح الشامل في البلاد، إدراكاً من رئيس الوزراء أن تحقيق ذلك يعتمد في المقام الأول على تعزيز التعاون السياسي والدبلوماسي مع الدول الكبرى والمنظمات الدولية الداعمة وأصدقاء اليمن.
*زيارة مهمة*
وصف رئيس الوزراء الدكتور بن مبارك، تلك الزيارة للولايات المتحدة الأمريكية بأنها “مهمة جداً”، سواء على مستوى الاجتماع الوزاري الدولي في نيويورك، أو على مستوى اللقاءات التي عقدها في واشنطن، والتي جاءت في إطار تحضيرات قامت بها الحكومة اليمنية مبكراً بالتنسيق مع المملكة المتحدة.. مبيناً أن الهدف الرئيسي من هذه الزيارة هو عرض خطة الحكومة ورؤيتها لتحسين الأوضاع في اليمن، وإدارة الانتقال التدريجي من العمل الإغاثي الإنساني إلى المشاريع التنموية بقيادة يمنية.
وأكد، في تصريح له، أن المجتمع الدولي عبر عن دعمه للحكومة اليمنية وتوجهاتها وملكيتها في تحديد الأولويات والاحتياجات التنموية لتوجيه الدعم لها.. مشيراً إلى أنه في الجانب الأمني عرضت اليمن في نوفمبر الماضي في الأمم المتحدة استراتيجيتها لتعزيز خفر السواحل للقيام بدورها في ترسيخ الأمن البحري وحماية المياه الإقليمية اليمنية، ومكافحة تهريب السلاح والمخدرات والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية.
وأوضح رئيس الوزراء أن الخطة المقدمة للاجتماع الوزاري الدولي من قبل الحكومة اليمنية “قوبلت بدعم كبير ولا محدود، وتم الاتفاق على آلية دعم مباشر لها”.. مضيفاً بالقول: “نحن نناقش الآن مع الشركاء الدوليين آلية الدعم لحشد مؤتمر للمانحين ومؤتمر أصدقاء اليمن، وكان الاتجاه الرئيسي هو الاتفاق على ضرورة التحول من الشق الإنساني إلى الشق التنموي وفقاً للأولويات والركائز الخمس التي قدمتها الحكومة، بالإضافة إلى دعم المسارات الرئيسية التي قدمتها أنا كرئيس للوزراء فيما يخص موضوع الإصلاح الإداري بجوانبه المختلفة، ومنها مكافحة الفساد والشراكة مع القطاع الخاص، وتشجيع الاستثمار الأجنبي والمساهمة في تبني استراتيجية الإنتاج الزراعي والسمكي المقدمة من وزارة الزراعة والحكومة”.
ولفت رئيس الوزراء إلى إعلان الاجتماع الوزاري الدولي عن آلية “تافي” بمبادرة بريطانية، لدعم تعزيز الحكومة والعمل مع المؤسسات ومساندة الحكومة في دعم وتنفيذ هذه الخطة.
*التزام دولي بدعم اليمن*
وجدد الشركاء الدوليون، في بيان مشترك في ختام الاجتماع الوزاري الدولي، التزامهم الراسخ بدعم الحكومة اليمنية وتحقيق السلام والاستقرار المستدامين في البلاد.. مشيرين إلى أن استقرار اليمن والأمن الإقليمي، بما في ذلك الأمن البحري، لا يمكن تحقيقهما إلا من خلال حكومة مستقرة وفعّالة ومسؤولة أمام الشعب اليمني..
كما رحبوا بالتزام الحكومة اليمنية المستمر باستعادة الاستقرار الوطني، مشيدين بالتقدم الملحوظ الذي أحرزته الحكومة في إعادة إنشاء المؤسسات الحكومية في عدن، ورؤيتها وأولوياتها ونهجها في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية والمؤسسية، بما في ذلك مكافحة الفساد، ودعمهم الكامل لأولويات الإصلاح العاجلة للحكومة، وكذلك رؤيتها طويلة المدى للتعافي والاستقرار الاقتصادي.
كما تعهد الشركاء بالتزامهم بالتعاون مع الحكومة اليمنية، وتقديم الدعم السياسي والمالي والفني لتحقيق رؤية الحكومة وأولوياتها لتحسين ظروف معيشة جميع اليمنيين، مؤكدين أن الشراكة الأقوى بين الحكومة اليمنية والشركاء الدوليين أساسية لتحقيق الاستقرار والازدهار في اليمن.
لقاءات مع كبار المسؤولين في نيويورك
زيارة رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك للولايات المتحدة الأمريكية شملت، إلى جانب الاجتماع الوزاري، عدداً من اللقاء والاجتماعات الهامة في نيويورك مع كبار المسؤولين في الأمم المتحدة، جرى خلالها استعراض جوانب الشراكة بين الحكومة والأمم المتحدة وجهودها المستمرة لإحلال السلام، في ظل تعنت مليشيات الحوثي الإرهابية وانتهاكاتها المتصاعدة لحقوق الإنسان وحربها الممنهجة ضد الشعب اليمني، ورفضها الإفراج عن موظفي الأمم المتحدة ومجتمع العمل الإنساني والمدني، إضافة إلى هجماتها على الملاحة الدولية وزعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.
كما ناقشت اللقاءات أيضاً القضايا المتعلقة بالتحشيد لخطة التعافي الاقتصادي التي وضعتها الحكومة اليمنية، وإعادة النظر في كثير من التدخلات السابقة التي كانت تقوم بها الأمم المتحدة، وموضوع إدراج مليشيات الحوثي على قائمة المنظمات الإرهابية، إلى جانب نقل البعثات لمقراتها إلى العاصمة المؤقتة عدن.
لقاءات واجتماعات في واشنطن
كما عقد رئيس الوزراء في واشنطن اجتماعات مع قيادات صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور جيمس ريتش، وترأس اجتماعاً للمدراء التنفيذيين للمملكة العربية السعودية وأمريكا وبريطانيا وفرنسا في صندوق النقد الدولي، وحضر جلسة مغلقة لمعهد السلام الأمريكي حول اليمن.
كما ناقش مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، جوانب التعاون والتنسيق بين حكومتي البلدين للتعامل مع اعتداءات مليشيا الحوثي الإرهابية وتهديدها لأمن واستقرار اليمن والمنطقة والمصالح الدولية في البحر الأحمر، على ضوء قرار الإدارة الأمريكية بتصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية أجنبية.
وركزت تلك اللقاءات والاجتماعات على آليات دعم خطط الحكومة ورؤيتها وإعادة تغيير الأولويات بما ينسجم مع المستجدات والتحديات القائمة، ودور الحكومة في قيادة وتوجيه العمل التنموي والإنساني بحسب الاحتياجات الملحة للشعب اليمني.
*باذيب: الاجتماع كان سابقة*
وحول الاجتماع الوزاري الدولي لدعم الحكومة اليمنية سياسياً واقتصادياً الذي عقد في نيويورك، أوضح عضو الوفد الحكومي الدكتور واعد باذيب وزير التخطيط والتعاون الدولي، في تصريح له عقب اختتام الاجتماع، بأن ذلك الاجتماع “عكس وقفة حقيقية من المجتمع الدولي مع اليمن”.. وقال: “التقينا في الاجتماع بالدول الداعمة لليمن عبر المنظمات الأممية وعبر الأمم المتحدة وجهاً لوجه، وفق وثيقة محدد فيها الاحتياجات والأولويات وخطة التعافي المقرة من قبل كل الهيئات القيادية وفي مقدمتهم الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي، وهناك رسائل واضحة حملناها”.
وأضاف: “متابعة تعهدات المجتمع الدولي لدعم الحكومة اليمنية سيكون على رئاسة الوزراء ووزارة التخطيط والتعاون الدولي في التواصل مع المنظمات والمانحين، حتى تكون هناك محطات ومسارات أخرى امتداداً لهذا الاجتماع الوزاري الدولي الذي اعتبرناه سابقة حيث أننا في الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي نلتقي ونتفق برعاية بريطانية، وبمشاركة مشكورة ومعهودة من دول التحالف العربي في مقدمتهم المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة”.
وتابع باذيب: “لذلك نحن في الحكومة اليمنية بالتنسيق مع الدول المنسقة لهذا الاجتماع سنعمل على متابعة المانحين والمنظمة المنفذة، وفقاً لاحتياجاتنا من المشاريع والتدخلات والمرتكزات التي حددت في خطة التعافي، والوثيقة التي قدمت باسم الحكومة اليمنية والتي نالت إعجاب كل الدول المشاركة في الإجتماع.. بمعنى أننا في الحكومة نعلم ماذا نريد وكيف يتم ذلك وكم يكلف ذلك وخارطة انتشار الاحتياجات، وسنعمل معاً مع المجتمع الدولي لتنفيذها”.
بن بريك: الكل أكد أهمية دعم الحكومة
من جانبه علق عضو الوفد الحكومي د. سالم بن بريك وزير المالية، بالقول: “الاجتماع الوزاري الدولي اجتماع مهم ولأول مرة على هذا المستوى، والذي كان بدعم كبير ومتميز من حكومة المملكة المتحدة.. صراحة كان رد فعل كل الدول المشاركة بأهمية الدعم للحكومة اليمنية، وأنها هي الشريك الأساسي مع المجتمع الدولي ولا توجد جهات أخرى غيرها تمثل اليمن”.
وأردف بن بريك، في تصريح له، بالقول: “نحن فقدنا خلال السنوات العشر الماضية وما قبلها الكثير من مصادر الإيراد المالية العامة، ومنها على سبيل المثال النفط والغاز، فقدنا حوالي 70% مما كان ينتج ما قبل الحرب، وفقدنا في عام 2202 ما تبقى منها عندما هاجمت مليشيات الحوثي ميناءي تصدير النفط الضبة والنشيمة، ولهذا كان هناك عجز كبير في ميزانية الدولة، وجاءت المنحة السعودية بمليون دولار والتي لولاها لما استطعنا تجاوز الظرف الصعب”.
واستطرد قائلا: “استشعرت الحكومة اليمنية أن الظرف الصعب يتكرر في ظل عدم وجود أي منافذ أو تحركات، ولهذا تم إعداد خطة التعافي الاقتصادي، وهي وجهة نظر الحكومة للحفاظ على المالية العامة والحفاظ على الوضع الاقتصادي بشكل عام”.
الوالي: استطعنا حشد ممثلين رفيعي المستوى
إلى ذلك قال وزير الخدمة المدنية والتأمينات د. عبدالناصر الوالي، عضو الوفد الحكومي في زيارة الولايات المتحدة الأمريكية، تعليقاً على الزيارة :“كانت مهمتنا الحصول على دعم سياسي واعتراف بأن هناك حكومة شرعية واحدة فقط، ولم يعد المجتمع الدولي يتحدث عن أي طرف آخر.. واستطعنا حشد ممثلين رفيعي المستوى لأكثر من 35 دولة منها 3 دول دائمة العضوية في مجلس الأمن،. استمعوا إلى رؤية الحكومة واستلموا نسخة من خطتها للأعوام 2025-2026م، واتفقنا لأول مرة أن يكون الدعم في مشاريع مستدامة وليس دعم إغاثي”..
وتابع الوالي: “تشكل فريق ضاغط عربي في صندوق النقد الدولي لتغيير شروط الدعم لليمن، حيث إن الصندوق نادراً ما يدعم مناطق الحروب.. كما استطعنا الحصول على موافقة بأن يتحول مركز نشاط المنظمات الدولية الى عدن، ثم جاء قرار الرئيس الأمريكي ترامب بتصنيف الحوثة ليعزز هذا التوجه”.
وقال أيضاً: “القضية الجنوبية كانت حاضرة بشكل واضح في كل لقاءاتنا السياسية، وتحدث عنها الفريق بصوت موحد بقيادة رئيس الوزراء، وهذا أمر يحدث لأول مرة”، بحسب تعبيره.
*باسلمة: مرحلة مفصلية وهامة*
واعتبر مستشار رئيس مجلس القيادة الرئاسي، بدر باسلمة، الاجتماع الوزاري الدولي “مرحلة مفصلية وهامة جداً للحكومة اليمنية وللدولة، بشكل عام”. وأضاف: “شهد الاجتماع أكثر من 30 دولة، وهذا يعبر تماماً إلى أي مدى هناك تجاوب للدعم للجانب اليمني، إضافة إلى طلب 19 من تلك الدول أنها تكون بادرت في إلقاء الكلمات التي بينت أن كل هذه الدول فعلاً مدركة للواقع الصعب الذي تعيشه اليمن والتحديات الموجودة، وأنها على أتم الاستعداد لدعم الحكومة اليمنية في خطتها الطموحة التي تم وضعها بشكل واضح بمحاورها الكاملة في هذا الاتجاه”.
وأكد باسلمة أن هذا الاجتماع وتنظيمه بالتعاون مع الجانب البريطاني، “يعتبر فعلاً حقق الهدف الأساسي منه، وهو أن هناك دعم وهناك توافق مع كل الأطراف لدعم الحكومة اليمنية في تنفيذ خطتها، وعملية الاستقرار في المنطقة بشكل كامل، إضافة إلى دعم الإصلاحات الشاملة التي تريد الحكومة أن تنفذها”.. مشيراً إلى أن “هذه التوجهات تم التوافق عليها بين الجهات المانحة والجهات ووفود الدول المختلفة التي جاءت في هذا المؤتمر”.
مؤكداً في ختام حديثه أن هناك مسؤولية كبيرة ستلقى على الحكومة اليمنية، في كيف أنها تستطيع أن تستوعب هذه التعهدات كاملة.. وأن هناك عمل كثير للتهياة لما بعد هذا المؤتمر بشكل أكبر..
*السعدي: مرحلة جديدة من تجديد الشراكة*
مندوب اليمن الدائم في نيويورك السفير عبد الله السعدي، بدوره أوضح أن “الشركاء الإقليميين والدوليين يدركون التحديات الاقتصادية والإنسانية والأمنية التي تواجه اليمن”.. مؤكداً أن الاجتماع الوزاري الدولي الذي عقد في نيويورك “بمثابة تجديد الالتزام القوي من قبل الشركاء الإقليميين والدوليين في دعم الحكومة اليمنية، فيما يتعلق بدعم جهودها في الإصلاح المؤسسي ومكافحة الفساد وتعزيز آلياته، وفي الوقت نفسه تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وهذا يعزز مصداقية الحكومة اليمنية أمام المجتمع الدولي”.
وقال أيضاً: “بالإضافة إلى أن هذا الحدث يؤكد دعم المجتمع الدولي للحكومة اليمنية، فيما يتعلق بسياسة خطة الإنقاذ الاقتصادي بدرجة أساسية، ويعيد التركيز على القضايا الاقتصادية والقضايا المالية، إلى جانب معالجة القضايا السياسية والأمنية، مما يزيد من الدعم المتوقع”.
وأكد السعدي أن الاجتماع الوزاري الدولي “يعد مرحلة جديدة من تجديد الشراكة مع المجتمع الإقليمي والمجتمع الدولي، لدعم جهود الحكومة اليمنية فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتنفيذ الأولويات الخمس التي حددتها الحكومة اليمنية للمرحلة القادمة أو للعامين القادمين”.. مشيراً إلى أن الاجتماع”نقطة تحول وخطوة متقدمة للمزيد من الخطوات في المستقبل لدعم الحكومة اليمنية”.
مجيب عثمان: حققت الحكومة ما كانت تسعى له
من جانبه، أكد مستشار رئيس الوزراء، مجيب عثمان، أن رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك حققت من خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية نتائج كان يسعى لتحقيقها، وهي أن تعاد ملكية التعامل مع القضايا إلى الحكومة اليمنية وأن تعود الحكومة إلى الواجهة، لا أن يتم اتخاذ القرارات والتعامل مع قضايا اليمن بغياب حكومتها.. مؤكداً أن “الحديث الآن أصبح يدور حول وجود حكومة تعمل على الأرض ولديها خطة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتستحق الدعم من المجتمع الدولي “.
وفيما يتعلق بالجانب السياسي، أوضح مجيب عثمان أن “رسالة الحكومة اليمنية في هذا المؤتمر كانت واضحة بأنها تقوم بدورها ومستعدة لشراكة فاعلة مع المجتمع الدولي”.. مشيراً إلى البيان الختامي للاجتماع “عبر عن التزام المجتمع الدولي في دعم الحكومة سياسيا واقتصاديا وتقنياً”.