أبين العمود الفقري للوطن اليمني الكبير
بقلم/الدكتور/ قاسم الهارش
عندما نتحدث عن أبين فاننا نتحدث عن القلب النابض الذي لا غنى عنه للوطن اليمني، وعن الخاصرة التي يستند عليها الجنوب. أبين ليست مجرد محافظة ضمن التقسيم الإداري لليمن إنها روح الوطن حاملة قيمه ورسالته، وهي العمود الفقري الذي إذا اختلت احدى فقراته، شلت حركة الدولة باكملها.
أبين تمثل توازنا فريدا بين التاريخ والموقع والجغرافيا،ما يجعلها في قلب الأحداث الوطنية على مر العقود فهي شاهدة على محطات مفصلية من تاريخ اليمن، ومكان ولادة شخصيات سياسية واجتماعية تركت بصماتها في مسيرة الوطن. هذا الارث يجعل من أبين أكثر من مجرد رقعة جغرافيةإنها حجر الأساس لأي مشروع وطني جامع يسعى للنهوض باليمن وتثبيت دعائم الدولة.
إن أي عملية سياسية تتجاهل أبين تولد مشوهة تماما كجنين غير مكتمل الخلقة. فغياب أبين يعني غياب التوازن والاستقرار، لأنها تمثل رابطا حيويا بين شمال اليمن وجنوبه. إنها نقطة التقاء وجسر التواصل الذي يربط بين مكونات الوطن المختلفة.
من دون دور أبين، تصبح المشاريع السياسية مجرد محاولات عابرة تفشل في تحقيق الاستدامة، لأنها تفقد العمق المجتمعي والوطني الذي تمثله أبين. وعلى مر التاريخ، أثبتت التجارب السياسية أن تجاهل المحافظات المحورية كأبين يؤدي إلى انهيار المشاريع مهما بلغت قوتها الظاهرية.
أبين ليست فقط خاصرة الجنوب، بل هي مفتاح الاستقرار السياسي والاجتماعي فيه. موقعها الجغرافي يجعلها صمام أمان لأي توازن جنوبي- جنوبي، ودورها كمحافظة تمتاز بالتنوع السكاني والانفتاح يجعلها قادرة على احتواء التباينات، وخلق أرضية مشتركة لأي حوار وطني حقيقي إضافة إلى ذلك، فإن أبين تعتبر منطقة استراتيجية، إذ تحتل موقعا محوريا على الخارطة الوطنية. فهي تربط بين عدن العاصمة المؤقتة والمحافظات الشرقية، وتعد نقطة تقاطع بين مصالح سياسية واجتماعية واقتصادية، ما يجعل أي مشروع تنموي أو سياسي مستقبلي يتطلب حضورها الكامل ومشاركتها الفاعلة.
اي تجاهل لدور أبين لا يضر بالمحافظة وحدها، بل ينعكس بالسلب على من يتجاهلونها أو يحاولون تهميشها. فغيابها عن المشهد يعني سقوط المشاريع السياسية في مستنقع الفشل، لأنها تفتقد الدعم المجتمعي والشرعية الوطنية التي توفرها أبين.
الطارئون على المشهد السياسي، الذين يسعون لبناء نفوذهم بعيدا عن مكونات الوطن الحقيقية، يجدون أنفسهم عاجزين عن تحقيق أهدافهم، لأن أبين ليست مجرد رقم، بل هي العنوان الحقيقي للدولة.
إن أي مشروع وطني جامع لا يمكن أن يتجاوز أبين أو يقلل من أهميتها. فهي تمثل عنوان الدولة اليمنية، بما تحمله من رمزية تعبر عن الشجاعة والصمود والتضحية. دورها الحيوي يجعلها ركنا أساسيا في بناء اليمن الجديد الذي يتطلع إليه الجميع.
إن استعادة الدور الحقيقي لأبين في العملية السياسية هو الخطوة الأولى نحو تصحيح المسار الوطني. فكما أن الجسد لا يتحرك دون عموده الفقري، فإن الوطن لا ينهض دون أبين. إنها محور الاستقرار وركيزة البناء، وكل من يدرك ذلك يستطيع أن يصوغ مشروعا سياسيا ناجحا يضمن لليمن الاستقرار والازدهار.
أبين ليست مجرد محافظة، بل هي فكرة تمثل الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية والاستقرار السياسي. غيابها عن المشهد يعني غياب الدولة، وحضورها يعني استعادة الوطن بكل أبعاده ومعانيه.
أي مشروع سياسي أو وطني يتجاهل أبين أو يحاول تهميشها سيمنى بالفشل. فلا يمكن بناء دولة قوية ومستقرة دون مشاركة هذا العمود الفقري في صياغة المستقبل. أبين ليست مجرد محافظة إنها روح الوطن، وعنوان الدولة، ومفتاح الاستقرار الذي لا غنى عنه.