<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
مقالات

جهل في صورة علم

بقلم / عصام القيسي

في معركتهم مع الموحدين (القرآنيين) يستدل المثنويون على حجية الحديث المنسوب للنبي بظواهر عدد من آيات القرآن مثل قوله تعالى “وأطيعوا الرسول”. ولولا أن عامة فقهائهم يستدلون بهذه الآيات لقلت إنه لا يستدل بها في هذا الموضع إلا جاهل بلغة العرب وعلم أصول الفقه!، لكن هذا هو حال الدنيا.. عجائبها لا تنفد.. وللذين يتساءلون ويسألون أقول للمرة الألف ربما:

عبارة “أطيعوا الرسول” من العبارات المجملة في القرآن، تماما مثل عبارة “أقيموا الصلاة”. والعبارات المجملة في اللغة والقرآن لا تفهم إلا بعد تفصيلها. فالسامع الأول – مثلا – لا يدري عن أي صلاة تتحدث الآية، ولا بد لجهة الخطاب أن تبين له معنى الصلاة وكيفيتها، وهو ما فعله جبريل مع النبي وفعله النبي مع الصحابة في وقته.

وكذلك مفهوم طاعة الرسول لا يمكن للسامع أن يفهم معنى الطاعة المقصودة قبل أن يفهم مقامات النبي نفسه. فالنبي لم يكن صاحب مقام واحد وحيد في حياته بل صاحب مقامات.ولكل مقام أحكامه الخاصة.

أولها “مقام الرسولية”، وهو مقام تبليغ (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك). والبلاغ هو الإعلان العام للناس كافة.

والثاني “مقام نبوة “، والنبي غير الرسول كما تدل آيات القرآن ويعرف جمهور فقهاء المسلمين. وهو مقام دعوة إلى الرسالة (البلاغ)، وقد يوحى للنبي فيه نوعا من الوحي الذي تحتاجه مهمة الدعوة أو تصحيح ما تحرف من معاني الرسالة السابقة كتعليم الصلاة والحج إلخ.

والثالث مقام بشريته الطبيعي، وهو المقام الأصيل في حياته، وما عداه من المقامات هو الاستثناء. فهو بشر أولا ورسول ثانيا وليس العكس. وفي هذا المقام يتكلم النبي ويتصرف كبشر. وما يصدر عنه من كلام أو فعل أو تقرير في هذا المقام فليس من البلاغ العام الذي يكلف به الجميع.

وقد كان للنبي مقامات تفصيلية عديدة داخل هذا المقام العام (مقام بشريته)، كمقام الزوجية ومقام الصداقة ومقام ولاية الأمر، الخ.

وهذا المقام الأخير ( ولايته على الصحابة) هو من المقامات الزمنية التي تتوقف أحكامها بوفاة النبي، والخطاب فيها لجيل الصحابة وحدهم دون سواهم. والآيات التي تطلب طاعة النبي تخص هذا المقام وحده لأنها موجهة للصحابة دون غيرهم. أما عامة المسلمين فعليهم اتباع الرسالة العامة ممثلة في القرآن الكريم. ولو أن عبارة “أطيعوا النبي” تصلح دليلا على حجية الحديث ما أهملها الشافعي بعد ثلاثة أيام من البحث عن آية يحتج بها على مناظره!.

وكان على الفقهاء أن يبتوا في هذه المقامات من الوهلة الأولى قبل أي شيء آخر. لكنهم للأسف ما تنبهوا لمسألة المقامات إلا في وقت متأخر ، ومع ذلك لم يفصلوا فيها بصورة وافية محكمة، وها نحن ندفع الثمن!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock