ماذا يعني مفهوم اليسر ودفع المشقة في الشريعة الإسلامية؟

عدن توداي
موسى المليكي.
جاءت الشّريعة الإسلاميّة لتحقيق السّعادة للبشر بتيسير التّكاليف عليهم، ودفع المشقّة والعنت عنهم؛ قال -تعالى-: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، فمن مقاصد هذه الشّريعة التّيسير على النّاس في جميع شؤون حياتهم؛ من خلال الرّخص الشّرعيّة التي جاء بها القرآن الكريم، والسّنّة النّبويّة الشّريفة، واجتهاد العلماء.
ومن الأمثلة على اليسر في الشّريعة الإسلاميّة؛ أنّ المسلم الّذي لا يطيق الصّيام في رمضان بسبب كبر سنّه أو مرضه؛ يرفع عنه هذا التّكليف ويسقط، بدفع فدية طعام مسكين عن كلّ يومٍ يفطره في رمضان، وغير ذلك الكثير من وجوه التّيسير في الشّريعة الإسلاميّة؛ التي تدلّ على مرونتها وتجدّدها.
ومن هذا المنطلق وضع العلماء قاعدة فقهية تنص على: “المشقة تجلب التيسير”؛ معتمدين فيها على قوله -تعالى-: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا ضَرر، ولا ضِرار).
الاجتهاد الشرعي.
من مصادر التّشريع الإسلامي التي تدلّ على مرونته وتجدّده أداة الاجتهاد؛ والّتي مكّنت العلماء من استنباط الأحكام الشّرعيّة؛ التي لم يرد فيها نصّ في القرآن والسّنّة، من خلال استخدام أدواتٍ معيّنة في علم أصول الفقه.
من قياس، وسدّ ذرائع، واستحسان، وغيرها من الأدوات المعتبرة، تخرج للنّاس الحكم الشّرعي في كل أمر مستجدّ في الحياة، وتبيّن لهم طبيعة هذا الحكم بكل وضوح، ما بين الحلّ، والإباحة، أو التّحريم، أو الكراهة.
كلّ ذلك يدل على مرونة الشّريعة الإسلاميّة وقدرتها على مواكبة كلّ جديد، ومن الأمثلة على ذلك أنّ الشّريعة الإسلاميّة لم يرد فيها حكم المخدرات؛ الّتي تضرّ بالجسم والعقل، ولكن تم استنباط حكم التّحريم لهذه الآفة المدمرة للحياة من خلال القياس على تحريم شبيهاتها؛ من الموانع والمسكرات الّتي ورد فيها النّص، وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار.
حُرّية الإنسان بالتصرف في أمور الحياة العامة.
تركت الشّريعة الإسلاميّة المجال للنّاس للتّفكر في أمور الحياة، فعلى الرّغم من أنّها وضعت القواعد الكلّيّة والأحكام التّفصيليّة لكثيرٍ من جوانب حياة النّاس؛ إلا أنها تركت لهم حرّيّة التّفكر والنّظر في ما يصلح لحياتهم، وأمور دنياهم فيما لم يرد فيه النّص؛ ومثال على ذلك ما ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- مَرَّ بقَوْمٍ يُلَقِّحُونَ، فَقالَ: لو لَمْ تَفْعَلُوا لَصَلُحَ قالَ: فَخَرَجَ شِيصًا، فَمَرَّ بهِمْ فَقالَ: ما لِنَخْلِكُمْ؟ قالوا: قُلْتَ كَذَا وَكَذَا، قالَ: أَنْتُمْ أَعْلَمُ بأَمْرِ دُنْيَاكُمْ).