هل غابت آفاق الحل السياسي في بلدنا!!
عدن توداي:
بقلم / د. وليد ناصر الماس.
متى تنطفئ نار الحرب في بلادنا؟. وهل نشهد استقرارا علئ المدى القريب؟. ومن القادر على احتواء ملف هذه الحرب؟..
لن يشهد بلدنا استقرارا إلا من خلال توفر حلول سياسية ناجعة، قد تفضي بدورها إلى قيام دولة واحدة أو دولتين أو حتى أكثر من ذلك على ظهر هذه الجغرافيا الملتهبة، كل ما يهم اليوم ان تنتهي مشاكل البلد ليعيش مواطنوه في أمان واستقرار.
آفاق التخلص من تداعيات الصراع الراهن في وقت قصير، يلي ذلك قيام دولة مركزية مستقرة أمور لا تبدو واقعية لأسباب عديدة، من بينها وجود صراع مذهبي يتعمق كل يوم، متقوقعا حول رقعة جغرافية، موحيا بضرورة العمل على تجزئة البلد للتخلص من حدة النزاع.
دول في الإقليم ترى بعدم وجود ضامن قوي لمصالحها، إلا من خلال تأجيج نار الصراع المذهبي، عاملة علئ تغذيته باستمرار، بما يمكنها من إيجاد ذلك الحليف مضمون الطاعة والولاء.
الصراعات الضيقة دينية وعرقية وجهوية..لا تنتهي عادة في وقت قصير، إذ تأخذ بالضرورة مدى أطول، ولا تنتهي غالبا بحلول مستدامة، ففي أقل الحالات سواء تزول تلك المشاكل بقيام حكومات محاصصة دينية- عرقية- جهوية..، تكرس الأبعاد الضيقة في إدارتها، دون ان يهمها سوى تقوية نفوذ ومكانة جماعتها وأتباعها، حيث ينتشر الفساد في ظل إدارة هذا النوع من الحكومات، كما تعم الفوضى والإزمات السياسية، ويتمزق النسيج الاجتماعي، وتضعف مكانة البلد ومواقفه الخارجية، مؤسسة للمزيد من الصراعات الأهلية مستقبلا.
المواقف الدولية خصوصا الغربية منها هي الأخرى لا تشذ عن الدور السلبي للإقليم المزعزع للاستقرار في بلداننا، إذ تميل إلى تمكين الجماعات المتأسلمة من السلطة، وتقوية حدة وضراوة الصراع المذهبي، من خلال ما تمتلكه من دور وتأثير سياسي على أقطار منطقتنا.
تقسيم البلد (أي بلد) إلى دولتين أو أكثر، يمثل أبرز الحلول الممكنة نسبيا لمشاكله المستفحلة، في ظل احتدام الصراع الديني (الطائفي، والمذهبي) والعرقي، فالقوى السياسية التي تتحدث عن ضرورة وجود دولة مركزية قوية في ظل صراع مشتعل كهذا، هي نفسها جزءا من مسبباته، وعاجزة في ذات الوقت عن إيجاد حلول واقعية مستدامة، إذ لا تمتلك الرؤية أو التجربة، وساهمت بتراكم خلافاتها في تهيئة المناخ لنمو هذا النوع من الصراع.
الصراعات الضيقة سمة بارزة لحروب القرون الوسطى التي شهدتها الكثير من أصقاع العالم في العصر الوسيط، ونحن في المنطقة العربية، نكرر اليوم تلك التجربة بأيدينا وبمساعدة قوى إقليمية ودولية تتقاطع مصالحها في هذه النقطة تحديدا.
تتلخص الحلول لمثل هذه الصراعات القذرة في نشر الوعي المجتمعي، ومكافحة التطرف بمختلف أنواعه، وتشجيع التعايش بين أفراد المجتمع، وسن القوانين العادلة المنظمة للحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وإتاحة الفرص للمشاركة الفاعلة في إدارة البلد وتنميته.