من القصص الواقعية.. ★الناجي [37]★ “والاخيــــــــــــرة “★الرحلة لازالت مستمرة★
عدن توداي:
يرويها الكاتب / حسين السليماني الحنشي
توجهت إلى ألمانيا للبحث عن العمل والإستقرار وبناء حياتي التي طال أمد شبابها وامتلاء عمري بمراحل عديدة أفقدته الحياة بشكلها الطبيعي…
وأول ما وصلت كنت البس أحذية قوية كي تواجه السير على الثلج ، ذكرت الاحذيه الجلديه التي لبستها على يد أمي زوجت الرجل الذي أعمل معه برعي الأغنام، وكان أول عمل أعمله في حياتي!
وفي الأيام الأولى بألمانيا ، علمت من وسائل التواصل الاجتماعي ، إنها قد ماتت قبل أيام فقط …
تلك الأرواح الجميلة التي عشت معها أجمل اللحظات في حياتي ، حيث سدّت الفراق الروحي الذي كنت أعيشه.
كانت تلك العوائل في قريتي التي لايمكن نسيانها، تشعر بي وتحاول أن تقدم لي الأفضل ماعندهم…
لكن يبدوا أن العالم لازال فيه ألكثير من الأرواح التي تزهق بغير وجه حق، وتدفع الثمن الباهظ من أنظمة امتلأت بالجشع والأنانية حتى تطاولوا وانتهكوا الحرمات وتهاونوا بسفك الدماء التي تسيل كل يوم!
وكل هذا بسبب وجود دول كبيرة تسعى إلى امتلاك الثروات على حساب الأرواح البريئة!
وهي من أسست لتلك الأنظمة التي من خلالها تأخذ ثروات الشعوب.
فخرجنا من أوطاننا هاربين، فكانت كل الدول تمنعنا، وهذا ماجعل الجميع يسلك طرق التهريب المميته.
ونحن نريد أن نعلن للعالم أننا بشر لابد من التعايش معنا بمابقي من شعوبنا …
فلماذا نصبغها بالدم والاوجاع والبكاء…؟
فإذا نظرنا إلى الدول المستقرة نجد قوانينها الخاصة بك كإنسان غير صالحة للتعاطي بروح الفريق الواحد للبشر ، فهناك أيضاً العنصرية والتطهير العرقي الذي يجري على سمع وبصر تلك الدول (البرجماتية) ، وتجدها تقف ضد الحقوق والحريات الأساسية والمواثيق الدولية المعلنة، ولا تستفيد منها الدول المستضعفة ، مما جعل تلك الدول القوية، تدخل على خط ساخن مع تجار المخدرات وأمراء الحروب، وتخلق الأزمات وتدير الصراعات على مستوى العالم. حتى تجني الثروات الطائلة بغير وجه حق، لكن بقي الإنسان في هذا العالم هو من يدفع الثمن…
ولا يستطيع الحياة بشكلها الطبيعي، في تلك البلدان الكبيرة والقوية ؛ لأنها تفرض عليك قوانينها التي لا ترغب بها في بعض الأمور، ولانستطيع العودة إلى الوطن الأم ، من أجل العيش الكريم، فهناك تجد من زرعته يقف لك بالمرصاد، وهؤلاء المرتزقة والعملاء الذين يفتتحون كل يوم مشاريع من السجون الجديدة الخاليه من الكرامة الإنسانية.
وحتى نضع أول خطوات الإستقرار في أوطاننا لم نجد القانون الذي أتفق عليه ألكل وصار ـ عقد إجتماعي ـ يقف ألكل خلفه.
ويعتبر الدرجة الأولى على طريق الإستقرار بتلك الأوطان التي مررت بها والتي كان معي من الباحثين عن الحياة الكريمة، الكثير والناجين منهم قليل، لكنهم سيظلون يحملون تلك المشاهد المخيفة، وتكون عالقة بعقولنا… فنحن ناقصين عن الكل ؛ لأن حياتنا بها فقدان كثير من الحب مما أفقدها التوازن بين الواقع الذي نعيشه مع المجتمع ، والخيال الممتلئ بالصور المؤلمة في سبيل البحث عن الحياة، والناجين من بين الأنقاض والجثث…
فقد مات الكثير أمام عيني في سبيل البحث عن الحياة الكريمة، ومات الكثير من أجل صراعات عبثية تقف خلفها دول كبيرة في أوطاننا!
وبقينا نحن أهل تلك الشعوب نحمل المعاناة في البحث عن الحياة المستقرة والخالية من الاوجاع ، فخرجنا إلى السفر الذي كان الحل الوحيد لما نحن فيه. لكن كان طريقه يحيط به ـ الموت ـ الذي يأتي لنا من كل إتجاه، وفي كل مكان نجده، وقد حصد ألكثير من الأرواح.
وأنا الآن لازلت أتابع الأخبار من موقع عملي (منظف) بمطعم في ألمانيا، وقد توقف العمل فيه نتيجة الثلوج .
أستمع للأخبار والحروب التي لاتنتهي….
ولا زال السفر والبحث عن الحياة الكريمة والخالية من الحروب والدمار والتشرد والعنصرية جاري.!!!
وأنا أودعكم من ألمانيا ، ولن أستطيع العيش فيها إلى الأبد، والسبب إن عندي (بصمة) لابد من العودة إلى إيطاليا، لكن أودعكم وأنا على الطريق في رحلة مع زملائي، للخروج من ألمانيا إلى بلد آخر ….
_________________________
تلك هي صورة ممزقة جمعتها لهذا الطفل(الناجي) من بين الركام والصحراء والأمواج والجثث والثلوج والجوع والعطش والمرض والحرب….
كانوا معه، كثير لكن لم يصل إلا القليل منهم.
ويعتبر هذا الطفل عينة لكثير من الأطفال التي خدشت الحروب مستقبلهم.
وحاولت ان أجمعها لكن صعب الأمر عليه، فلازال أطفال فلسطين يموتون وهم في منازلهم من آلة الحرب التدميرية، والا زالوا أطفال فلسطين وأفريقيا وبقية الدول النامية، مشردين !
ولازالت ألكثير من تلك الشعوب مشردة، وتدفع الأرواح البريئة ، لحروب مصطنعة لم تكن لولا أن تقاسمنا الحياة بشكلها الطبيعي من الحب والعطف على تلك البشر والبلدان التي يجري بها سفك الدماء والحروب ووقفت تلك الدول القوية ضد الخراب وتقاسمنا الثروات بين العالم كله، فلا يمكن أن تعيش دول وأخرى تموت، وهناك التجارة العالمية المختطفة، ومجلس الأمن الدولي الذي يسلب الحقوق (بالفيتو) ، فنحن أسرة واحدة إسمها (البشر) ولو ساعدنا بعضنا البعض، لم نجد طرق التهريب والحروب، وحينما يتم توجيه الطاقات المتجددة في الدعم بالنهوض بالإنسان، وتمكينه بالعيش كغيره من الشعوب، يقع الإستقرار المنشود للإنسان الذي هو المحور الأول لهذا ألكون المضطرب!!!
★★★★★★★★★★★★