من القصص الواقعية.. ★الناجي [32]★ ★أثر العمل الإنساني★

عدن توداي:

يرويها الكاتب /*حسين السليماني الحنشي*

كان رجال المنظمات الأهلية في إيطاليا، تعمل دون كلل أو ملل على نشل الجثث وكنا تقريباً جثث هامدة، عرضوا الكل على الأطباء، وتم كشف الحالات المرضية الحرجة ، وتم إسعافها إلى مراكز صحية ، متقدمة، والجثث تم إخراجها. ونحن تلقينا مساعدة طبية لمدة أسبوع أو أكثر ؛ ولم أصحوا إلا بعد ثلاثة أيام ، كنا على أعين الأطباء ، حتى تحسنت أحوالنا ، وبدأ البعض منا بالكلام.
تم التحقق من وضعنا الصحي، بعدها وضعوا لنا ملفات خاصة بكل واحد منا، حتى يتم التسكين للجميع في السكن المعّد للمهاجرين ، كانت تلك الخدمات بمكان واحد .
بعدها حاولت أن أبحث عن الزملاء الذين كانوا معي بتلك الرحلات الشاقة، وطلبت من رجال المنظمات المساعدة في البحث عن الاصدقاء.
كنت أتحدث اللغة الإنجليزية، فهمني واحد منهم، ثم ساعدني على كشف الأسماء، فوجد منهم أثنين…
جلست معهم وتذاكرنا تلك المعاناة، والوجوه التي فقدناها ، وتركناها على هامش الطريق، فبكاء ألكل…
وأنا أتذكر حبيبتي التي لم يكتب لها أن تصل معي إلى تحقيق ماكّنا نرسمه ونخطط له.
كنت لا أحب الخروج من سكن المهاجرين، حتى أستطيع التحكم بنفسي أكثر.
استفاد الكثير منا من الخدمات التي تقدم لنا ومنها: تعليم اللغة والإستقرار، الذي جعلنا نتواصل بالاحبة ونشعرهم اننا وصلنا …
كان الهاتف الجوال الجهاز الوحيد الذي يمكننا التواصل من خلاله، فقد كان معي هاتف خلوي، فسقط في البحر حينما هربنا من الحرب في (عدن)، فضاعت كل العناوين فيه للأصدقاء والأهل في اليمن. ثم فقدت الهاتف الخلوي الثاني في ليبيا عندما أخذته العصابات في المعتقل الثاني في ـ بني وليد ـ حاولت إسترجاع المعلومات التي لازلت أحفظها ، وقمت بأدخالها على حسابي في الإنترنت من إيطاليا ، ووجدت الأصدقاء والأهل ، فتواصلت بهم….
أخبرتهم أنني أعيش بسلام في إيطاليا ، كنت أتحدث مع البعض مباشرة على الهواء ، ومنهم أمي في( نيروبي)، ومع أخي صاحب السيارة الشراعية، من (الرياض), ومع أختي في(عدن) بعدها وجد الاصدقاء حسابي على الإنترنت ، وتواصلت مع الكثير والاطمئنان عنهم…
فكان لذلك العمل الإنساني بالغ الأهمية في حياتنا .
وكنت أسأل نفسي ، لماذا كل هذا العدوان ضد شعوباً بعينها ، وهناك دولاٌ تستطيع منع الحروب.
بل للأسف تقف خلف أمراء الحروب في العالم لتجني الأموال ، وتدفع الشعوب الأثمان الباهظة.؟!
لماذا ؟ سؤال يحيرني كثيراً حينما أنظر إلى أثر الايادي البيضاء ، وماتتركه في نفوس من يحتاج إلى المساعدة…