<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
فن

من القصص الواقعية.. ★الناجي [23]★ ★ودعاع الحب★

عدن توداي:

يرويها الكاتب /حسين السليماني الحنشي*

وصلت إلى أمي في (أديس أبابا) بعد رحلة طويلة من المشقة والتعب والمسافات الطويلة والصعبة …
أخبرت أمي أنني مسافر هذه المرة إلى (أوروبا) خافت علي كثير من الهلاك في تلك الطرق…
قلت لأمي: لأريد أن أخفي عليك فسامحيني، فأنا لأريد تحطميم قلبك، أو تحطيم قلبي بأن أذهب دون أن تعفو عني، كنت أصر عليها كثيرا وأطلب منها السماح لي بالسفر!
قالت: مادام هذا قرارك الأخير، فإني مسامحك، وأطلب من الله أن يحفظك !
كانت أمي من أسرة متدينة ، وهي محافظة على الصلاة، وكانت تدعوا لي كثير…
قالت أمي: إنني أرغب بالسفر إلى كينيا؛ لأنها من الدول المتطورة والآمنة، وأحب أن تكون معنا .
لكن بعد أن نجمع بعض المال ، فاخوك الأكبر لازال معه عمل في إثيوبيا.
قلت لها: إني مصّر على السفر إلى أوروبا.
كانت أمي تبكي كثير وهي تتذكر أخي الذي ضاع في الصومال ولم نجده وتتذكر أخي الصغير الذي سقط من القارب في الرحلة الأولى إلى اليمن من ميناء(بوصاصو) بوسط البحر !
تتذكر وهي تبكي، وتقول: لقد عدت لي بعد أن ظننت إنك قد فارقت الحياة!
تقرّبت منها وقلت لها: يا أماه لا تبكي وتركي الحزن ، أننا قد جربنا العيش بهذه الأوطان ولم يبقى نجني منها غير المعاناة.
يا أمي إني أعلم أن رفيق الدرب إلى أوروبا هو (الموت) ولكن لامحالة منه، فإن تجاوزناه رأينا الحياة من خلفه وأن سقطنا بين أصابعه لقينا الله ونحن هاربين من ظلم الناس للناس وهاربين حتى لا نقع مع من يغلقون أبواب الحياة في وجه الناس.
دعيني جرّب حظي وإن أكون سفير الحب والسلام لمن ألقاه…
لكن أمي عانقتني ولم تنطق بشئ من كثرة الدموع والبكاء.!
ثم، قالت لي: يامحمد ، أنني رجوت العيش معكم جميعا ومع ابوكم وفي دارنا في(هرجيسا)في الصومال، لكن هي الأقدار التي يقدرها الله ويكتبها على عبادة ، فأنا اليوم مشردة وأنتم مشردون ، لكن الظن الحسن بالله هو من سيدبرلنا الأفضل. ياولدي: كن أميناً، وأحب الناس وأعمل الخير تجده أمامك، وكن مع الله يكون الله معك، أذكر الله في الرخاء يذكرك الله في الشدة!
ياولدي: حينما افترقنا لم تكن مؤهل بأن أوصيك ولكن الله حفظك ، وأتى بك الى بيتي هذا ولم أبحث عنك!
وأنا اليوم كبيرة وقد أموت دون القاء بك، فكن أنت الذاكر لله وهو حسبك!
فلا خاب من توكل على الله وأصلح أعماله!
فرحت بهذه الكلمات لكنها كانت كفاية أن تجعل عيوني يسقط منها الدمع حتى تبللت ملابسي…
وادعت أمي بعد الاتفاق مع المهربين، وتوجه الجميع منا مع المهربين من (أديس أبابا) إلى الحبشة، موّجه البوصلة هذه المرة إلى أوروبا….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار