من القصص الواقعية.. ★الناجي [20]★ ★إعادة البوصلة من جديد★
عدن توداي:
يرويها الكاتب / حسين السليماني الحنشي*
نزلت من حيث كانت البداية التعيسة، وحيدا مشردا، لا أعرف أحد, ولا أعلم أين أذهب ؟
كاعادتي ، أنزل بشواطئ دون مستقبلين!!
لكن هذه المرة على عكس المرة الأولى ، كنت طفل واليوم شاب معتمد على نفسي في خوض الطرق والوصول إلى قريتي الحبيبة التي أصبحت قريتي والتي أحبها وأعرف الناس فيها جميعاً.
فقد رسم الحب عنوانها في قلبي!
وصلت إلى قريتي عبر المواصلات العامة ، كان ذلك الوقت صباحاً بوقت الضحى.
لم يعرفني أحد فقد كبرت وأصبحت شابا.
فقد أتيت بنفس الطريق الاول من ميناء (بوصاصو) فقد عملت بمدينة بوصاصو فترة من الزمن بتنظيف السيارات…
ومن على شاطئ البحر الذي رأيت فيه الموت والدموع والجوع والبرد والعطش..
وكنت لا أعلم بهذه العوالم التي تجري وإلا أعرف الأرض التي نزلت بها.
واليوم عكس ما كنت ، فعندي عنوان منزلي وأهلي وأنا أمشي مرفوع الرأس على الألم الذي تذكرته بهذه الأماكن…
وصلت قريتي(الرتعي) في الأيام العشر التي تسبق أيام عيد الأضحى ، ومكثت بها، حتى وصل إخوتي من عاصمة البلاد ، كان ألكل منهم يعمل فيها، لم أجد أبي فقد مات، ولم أجد أخي الشاب صاحب السيارة الشراعية، فقد هاجر إلى السعودية للعمل فيها ، ولم أجد أبي صاحب العمل الأول في حياتي (رعي الأغنام) فقد مات، ولم أجد غير واحد منهم وهو يعمل في ـ الطب ـ مكثت معه في المنزل، حتى قربت أيام العيد ووصل الجميع بمناسبة ـ عيد الأضحى ـ ماعدى أخي الشاب صاحب السيارة الشراعية !
كان جلوسي في قريتي التي رأيت الأمل لأول مرة فيها، مايقارب الشهر.
سألت عن الجميع بل وزرتهم إلى منازلهم واحد واحد، فمنهم من الرجال الكبار من مات والنساء كذلك. ووجدت أحد زملائي وهو في نفس سنّي قد مات بحادث مروري مروّع، حزنت عليه كثيراً.
مكثت في القرية حتى انتهت أيام العيد، ثم بعد ـ العيد ـ حرّكت البوصلة مع إخواني بسياراتهم إلى العاصمة (عدن) ووجهت وجهي إلى منزل أختي من النسب بعد شوق كبير للقاء بها.
وصلت إلى بيتها وكان معي رقم هاتفها، حيث أمتلك هذه المرة هاتف (جوّال) به أرقام هواتف أختي وزوجها، وإخواني من قريتي (الرتعي) تواصلت معهم حتى وصلت إليهم بعد انقطاع قارب عشرين سنة أو أكثر …
لكن كان جلوسي معها لايتجاوز شهر، نتيجة الحرب في اليمن ، كانت حرب، شاركت فيها الطائرات الحربية، كانت تقصف (عدن) تلك الطائرات التي تأتي من صنعاء.
كان ذلك في عام ـ 2015م ـ بعدها تأزم الوضع إلى حرب قوية وبأسلحة ثقيلة وطايرات حربية. لم أستطع العودة إلى إخواني وأسرتي في أبين؛ فقد انقطع الطريق عنهم ولم يبقى للنازحين من الحرب غير البحر، فخرجت مع النازحين إلى البحر من المدينة (عدن) إلى مدينة ( المخاء) ففيها ميناء.
نزلنا هناك، كان الوضع أفضل من (عدن)، لكن هذه الحرب أغلقت باب الأمل عندي في العيش بهذه البلاد ، هنا قررت الخروج من اليمن، والعودة إلى بلادي، وأنا لا أريد الرحيل منها ، لكنها أجبرتني الحروب كما في كل مرة …
وللقصة بقية …