هل يستطيع الحو-ثي إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ؟

عدن توداي:
مقال لـ: عادل الشجاع
أراد الحوثي أن يعيد ضبط الساعة على ما قبل ٦٢، لذلك أعتقد أنه يستطيع خداع الشعب اليمني إلى مالا نهاية ، فعلى النقيض من تعهداته بعد أن فتحت له صنعاء من تحقيق الرفاه الاقتصادي والتسلل تحت جرعة المشتقات النفطية ، سرعان ما بدأ في التضييق على الناس وصادر ممتلكاتهم ومارس حكما قمعيا وبنى الأمن الوقائي والزينبيات وهما مؤسستان مارس بهما سيطرته على المجتمع .
لم يكن الحوثي ليستطيع دخول العاصمة صنعاء ، لولا ذلك الانقسام بين سنحان والعصيمات الذي بدوره إدى إلى انقسام بين المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح والذي بدوره انعكس على حكومة الوفاق الوطني وأصابها بالعجز والفوضى ، مما سهل للحوثيين التوغل من خلال ثنايا هذه الخلافات ، فاستطاعوا أن يحكموا قبضتهم ويخلطون أدوار رجال الدين والحكام واللجان الثورية وشيوخ القبائل معا في قوة واحدة يحكمها المشرفون واللجان الثورية الذين يمثلون شريحة صغيرة من المحسوبين على الهاشميين في صعدة ، أغلبهم تم تربيتهم منذ طفولتهم بعيدا عن آبائهم وأمهاتهم .
بالمقابل كانت الشرعية التي صنعتها السعودية على مقياس مصالحها تمسك بقبضة هشة على أطراف واسعة من البلاد ولم يكن قرارها بيدها فلم تستطع اتخاذ قرار السلام ، لأن السعودية كانت متصلبة تجاه أي سلام بين اليمنيين وتعتبر الحوثيين جماعة إرهابية حشدت ١٧ دولة لمواجهتهم ورصدت ملايين الدولارات لملاحقة قادتهم ، وبمرور الوقت جمع الحوثيين شتاتهم مستفيدين من تحالفهم مع الرئيس صالح الذي مكنهم مما تبقى من أفراد الجيش وقواعد المؤتمر ليشكلوا قوة فتاكة مرغت أنف السعودية التي ظلت طوال الحرب تركز قصفها على قيادات المؤتمر والمعسكرات والبنية التحتية ولكنها كانت تتجنب قصف الحوثيين أو مواقعهم ، لتحتفظ بهم لمثل هذا اليوم الذي يجلسون فيه معا في الرياض .
ومع مرور الوقت وبعد الخلاص من الرئيس صالح وسع الحوثيون سيطرتهم وتجاهلوا الاحتياجات الشعبية وأجبروا من يقدمون الخدمات للسكان من رجال الأعمال أو المنظمات على الانصياع لأوامرهم وتقديم الخدمات عن طريقهم وأرسوا شكلا مبسطا ومخلا للقانون والنظام وفصلوا المحاكم بما يخدمهم ووسعوا مشروعهم الأيديو لوجي من خلال الدورات الثقافية والمعسكرات الصيفية وأمنوا تمويل أنفسهم بوضعهم عدة أنظمة لتحصيل الضرائب والجمارك والإتاوات ، إضافة إلى المساعدات السرية التي حصلوا عليها من إيران وقطر والعراق والإمارات وبسطوا سيطرتهم على العائدات بكل قوة .
وهاهم اليوم يتفاوضون مع السعودية ويقبلون بها وسيطا بالرغم من أنها قادت تحالفا من ١٧ دولة وهي تقبل بهم بعد أن كانت تعتبرهم يد إيران في اليمن ، فالسعودية وصلت إلى هدفها في تقويض الدولة اليمنية وتعتقد أن الحوثيين اليوم سيعيدون تشكيل المواقع الاجتماعي بنفس طريقة الأئمة وهذا سيسهل الانتفاضة الشعبية عليهم ، بينما الحوثيون يعتقدون أنهم تمكنوا من إسقاط الشرعية وحققوا انتصارا بالتفاوض مع السعودية مباشرة ، وهذا سيتيح لهم الإمساك بالسلطة كاملة .
الأمريكان والبريطانيين رسموا المشهد من على بعد منطلقين من قراءتهم لتلك الفترات القليلة التي نجحت فيها السلطة باليمن بالبقاء لفترة طويلة ويرون أن سلطة صالح هي الاستثناء كونه استطاع أن يفسح المجال للأفكار والفاعلين المنافسين كونه ظل مرتبطا بالدول الأخرى التي دعمت قوته في وجه عدم الاستقرار المحلي ونجح في جلب التدفقات المستمرة للمساعدات الخارجية ، وهم يرون اليوم ، أن هذه الكيانات الميليشاوية غير قادرة على إضفاء الاستقرار وستكون أداة طيعة لتقديم خدماتها للخارج على حساب وطنها وشعبها ، وهذا يضمن بقاء اليمن خارج الدولة سنوات طويلة ، تمكن أمريكا من المضي قدما في إنجاز الشرق الأوسط الجديد ، وبطبيعة الحال فإن هذا المخطط ليس قدرا محتوما ، يمكن لليمنيين تغيره إذا ما التفوا خلف مشروعهم الوطني .
١٦ سبتمبر ٢٠٢٣