الرمضاء ..كتب حسين السليماني الحنشي
(عدن توداي)
مقاللـ: حسين السليماني الحنشي
في ذات يوم كان الحر قد بلغ مبلغه …
ووصل بي الحر إلى الخوف ان يسبب لي أوجاع وجروح دامية بأطراف أقدامي. كنت اطلب النجدة من هم حولي …
فناداني رجل يبدو كالغني، قال: أنت أنت، وكأنه يعرفني !
وأنزلني في مجلسه الفسيح وأكرمني.
قال لي : انت من الامنين…
قلت: أكيد لديك هدية مازحاً بها إياه!
فضحك، فقال : بل انت الهدية ، التي أبحث عنها !
قلت: وأنا أحدث نفسي ، أنه يريد الأجر والثواب!(أنه من أهل الخير)… قال: حدثني عن خروجك إلى الرمضاء بوسط النهار، وما مرّ بك ؟
قلت: كنت مستدين بعض الحقوق في منطقتي واختلف القوم، ومنها خفت عن نفسي، وخرجت هارباً بهذا الطريق الذي لا أعرفه من قبل.
ضحك الرجل الغني فقال: أكمل أكمل …
قلت: وحين كنت في الطريق ووسط الصحراء ، غابت الشمس ، فنمت فرأيت في منامي جماعة معها حبال، وسيوف ، وظننت أنهم يبحثون عني، فهربت إلى كثيب رملي أحتمي خلفه، وأنا لا أعرف كيف أدفع عن نفسي؟
فبقيت متحيّراً في أمري، فنظرت فإذا بباب كبير فدخلته، فرأيت في الدار رجلاً له هيبة وهيئة، فقال لي: من أنت؟ وما حاجتك؟
قلت: رجل خائف على نفسه، جاء “يستجير” بك!
فأدخلني في منزله ، فأقمت فيه آكل واشرب، وهو لا يسألني شيئاً عن حالي …
قلت له يوماً: أراك لا تهتم بي .
قال : أتعمل معي؟
فلما سمعت ذلك فرحت فرحا شديدا؛ لكن قلت له اريدك أن تحميني ؟
قال: أتعمل معي ؟
قلت: اريد منك الأمان ، حتى أطمئن عن نفسي !
قال: أتعمل معي؟
سكت عن الحديث …
قال: انت بين خيارين أن تعمل معي أو ترجع من حيث أتيت!
قلت: لكني لم اعرف العمل؟!
قال: عملي سهل ، فقط تكرر ما أقوله ، حتى وإن كانت كلمة “الموت”…
فنهضت من نومي وانا أرتجف!
ومشيت ليلاً وكنت أظن الفجر قريب ؛ لكن لازال (الليل) في بداياته ، ثم إعدة إلى النوم ، فرأيت في منامي وكأني أمشي على الشوك والسكاكين التي أظن انها على الطريق، وإذا انا بجانب مدينة بها صخب ولعب .
نظرت خلفي ولم أجد أحد ، دخلت المدينة ، فإذا بالرجل الغني أمامي!
قلت: أنت أنت!
قال: نعم، وهل اقتنعت بالعمل معي؟!
فضحك الرجل الغني….
فسألته عن اسمه …
قال : أسمي على إسم جدي، ابو”رغال” …
فعلمت ان أباه هو من باع الأوطان والوطنيين و من هربت منهم!
فقلت : أين هو جدك؟
قال الرجل الغني: أنه مات ، وله تمثال من ذهب على الطريق …
قلت: وهل يمكننا الذهاب إليه ؟
قال: هناك من الزوار الكثير الذين يضعون أكاليل الزهور تحت قدميه!!!
قلت له : إنه وفاء لحقك علي، أريد أن أخبرك بشئ ولكن لا تغضب مني!
قال : ماهو ؟
قلت : اريد ان تسمح لي بالمغادرة غداً، ولك مني حفظ هذا الود !
فتبسم ….
وحين علم صدقي، صمت ساعة فقال: اريد أن أخبرك أيضاً عن و”صايا ” جدي وابي…
قلت: أسمع منك…
قال : إن الوصايا تنص على: إنه من دخل بيتنا، وجب علينا إن نقول له يقول : حطة !!
قلت : مامعنى حطة؟
قال : ان يحط اغلى ما لديه رهينة لسلامته!!
أو نغلق عليه الباب ويأكل ويتمتع كما تتمتع الأنعام….
غضبت من ذلك!
قلت: هذا عيب أكون مثل الأنعام!
قال: عندي الكثير منهم يتمتعون بصحة جيدة ، لا حر، لا ديون ،لا ولا ولا….
خرجت مسرعاً وانا غاضب ،واذا بخلف الباب يقف الكثير… أشاروا علي بالرجوع ، لكن بقي آخرين ولكنهم قليل العدد، يرموننا بالحجارة ، ولم نجد مانرميهم به غير الروث ، صابتني حصاة صغيرة ، أوجعتني وقمت من النوم ، ووجدت نفسي أمامك…
الرجل الغني : وهو يضحك ، ان كنيتي، … ابو رغال !
قلت : في نفسي ، ياليتني بقيت في الرمضاء …!