<data:blog.pageTitle/> <data:blog.pageName/> - <data:blog.title/>
رئيس التحرير | جمال المارمي
مقالات

دون ياقلم. فقم وعمران وساكني الخيسة…أهل الكرم والناموس والتقدور

عدن توداي/ نصيب عبده سيف

استوقفني بيت شعر ينسب لأحد أمراء العبادل (لحج) لخص لنا صفات الناس في المناطق الساحلية حيث قال:(فقم وعمران وساكني الخيسة.. أهل الكرم والناموس والتقدور).. أعادني هذا البيت لسنوات مضت حين اشتد الحصار الخانق بسبب الحرب صيف2015 على مدينتي المعلا والتواهي ولم يعد بمقدور الكثير من الأسر الصبر والتحمل وخصوصا بعد انقطاع خدمات الماء والكهرباء وشحة المواد الغذائية وانتشار القناصة الذين حصدوا أرواح البشر ..كان أمام الاهالي هناك خياران إما الإتجاه برا ليواجهوا مصيرا مجهولا نظرا لأنتشار الأشتباكات في الشوارع والأزقة والحارات أو اللجو للبحر المنفذ الوحيد الآمن.. دعا الداع طلبا للإستغاثة.. تردد الصوت على مسامع ربابنة البحر من أهالي الخيسة وفقم وعمران..

تحركت قوارب الإنقاذ ملبية للنداء… قصفت بعض هذه القوارب وهي محملة بالنساء والأطفال والشيوخ والعجزة والمرضى لكن المهمة كانت لابد من أن تنجز… أنقذت تلك القوارب عشرات الأسر كانت محطة العبور الى المناطق الأكثر أمننا تبدأ من الخيسة… عندما سقطت قرية عمران ونزح أهلها منها فتحت قرى الساحل فقم والخيسة وخور العميرة والعارة أبواب منازلها لاستقبال أهلهم وإخوانهم وأنسابهم القادمين من تلك القرية المنكوبة… تجلت معاني الكرم والشهامة والعز والتقدير في ذلك المشهد المهيب الذي لم يكن الأول ولن يكون الأخير… كل المنازل وكل المرافق الحكومية سخرت لأجل راحة الأهل والاحباب… كان الضغط شديدا جدا على هاتين المنطقتين والحمل ثقيل..

برهن الأهالي هناك أن من خاض البحر وعاش أهواله سيكون لديه القدرة للخوض فيما هو أشد منه.. لم تكن الخيسة مجرد قرية آوت المئات من الأسر فقط بل كانت المنطقة الآمنة التي تزود الجبهات عن طريق تلك الخزانات الضخمة التي تمتلئ بالوقود وهي مرهونة بشرارة نار صغيرة قد تولد كارثة في البشر والحجر ولأنها الضرورة فقد كان لها أحكامها والله من فوقها حام وحارس… أصوات التهليل والتكبير وداع الجهاد كانت تصدح بها مآذن القرية التي قدمت دفاعا عن الدين خيرة شبابها…

عندما أدرك المشائخ المسؤلون عند استلام الدعم المرسل جوا أن هذه الطريقة غير مجدية وغير آمنة وتشتت الجهد بحثوا عن خيار بديل يكون أكثر أمنا وضمانا من سابقه… كان الخيار البديل لذلك هو أن تتحول عملية الإنزال لتكون بحرية… الخيسة هي المنطقة التي وقع عليها الإختيار وهي كعادتها لم تقصر… كانت ظهور رجالها محملا( بفتح الميم وتسكين الحا) لكل ما يتم إنزاله في قلب البحر من إمداد مثلما كانت صدورهم حامية ومدافعة عن العرض والأرض والدين.. أثبتت عملية الإمداد بحرا نجاحها كما أثبت عمالقة البحار قدرتهم على تحمل الصعاب..في فقم كان الشح في المواد الغذائية بدأت ملاحمة تبدو وآضحة… لم يكن المتأثر بذلك هم الأهالي فقط بل كانت الجبهات أيضا…

تحرك رجال البحر هناك وكانت عملية التزود بالمواد الغذائية للأهالي وللمقاومة منوطة بهم.. البحر الذي خبروا كيف يخوضونه جعلوا منه جسرا يتم نقل الغذاء والخضار وغيرها عبره..خور العميرة ورأس العارة قبلتهم.. منها يتزودون ولفقم والخيسة ينقلون… حتى رواتب الموظفين والمتقاعدين التي كان الناس بأشد الحاجة إليها كانت تنقل بحرا في مجازفة تحمل الكثير من المخاطر بحيث تسحب من المخا وترحل برا بطرق معينة وبسرية شديدة حتى تصل رأس العارة لتنقل بحرا عبر القوارب لتصل ساحل فقم بأمان..

عندما عزم أحد قادة الألوية المعروفين بتجميع أفراده استعدادا للمواجهة الكبرى كانت فقم هي الساحة المناسبة لذلك التجمع ..كما كانت أرض الإستقبال لطلائع المقاومين القادمين من مناطق الصبيحة والمنقولين بحرا الى ساحلها ومن ثم توزيعهم على الجبهات… في تلك الحرب لاااا مفاضلة ولا فضل بين منطقة و أخرى أو مدينة على ما سواها.. في تلك الحرب حضرت السواحل بكل طاقتها وقوتها وهيبتها لتخوض أشرف المعارك في ميادين الشرف والبطولة.. لم تكن هناك جبهة في عدن إلا وكان الصياد ابن الشريط الساحلي مشاركا فاعلا فيها إلى جانب رفاق الدرب من المناطق الأخرى كتفا بكتف وخطوة بخطوة.. قاتلوا بشراسة واستشهد بعضهم بشرف مقبلين غير مدبرين…أكرموا كل من أوى إليهم وكانوا أنصارا للمهاجرين..

أدهشني ذلك التناغم والتعاضد والتكاتف والصمود والاستبسال لقرى الشريط الساحلي التي احتفظت برصيد مشرف من النضال لا يمكن تجاوزه أو طمسه أو تجاهله فالأقلام دونت والتاريخ سطر والشواهد شهدت والذاكرة يا سادة لا تنسى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
Testosteronas, dažniausiai laikomas vyrišku lytiniu hormonu, yra taip pat svarbus ir moterims. Perfect click – photography learning institute. Many edtech startups fail because they do not have the experience and expertise necessary to succeed.